
مــن هــنا ... تـسـمـد الســـــعــادة
مـــــــــــــرحــــــــــــــبـــــــــــــــــا بـــــــــــك
وأهــــــــــــــــــلا و ســــــــــــــــــهــــــــــــلا
ومع سؤال عنوانه
من أين يستمد الواحد منا سعادته في هذه الحياة ؟
إنه سؤال يبحث عنه كل حائر إن فكر في البحث وفعلا هو يريد السعادة الحقيقية
فهناك سعادة حقيقية وسعادة وهمية ، فالسعادة الحقيقية تستمد من أمرين:
أولهما: حسن الصلة بالله تعالى ، قال تعالى { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن }
وليس هذا هو مجال حديثي ، وإنما عن الطرف الثاني وهو :
حسن الصلة بعباد الله المؤمنين الذين عقد الله بينهم رباط الأخوة الإيمانية ، وهذه الرابطة هي
الركيزة الأساس بعد الإيمان بالله ـ عز وجل ـ الذي هو أساسها ؛ حيث أمر الله بالاجتماع على
أساس الإيمان فقال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِه }
وقال ـ عز وجل ـ :
{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا }
ثم امتنّ بهذه النعمة الجليلة فقال ـ سبحانه ـ:
{ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَاناً }
فلا أخوة بلا إيمان { إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ }
ولا صداقة بلا إيمان وتقوى { الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلاَّ المُتَّقِينَ }
وإذا انعدمت الصلة الروحية الإيمانية التقت الأجساد على المصالح الذاتية ، والمنافع الشخصية
كما هو واقع الكثير نسأل الله لهم الهداية
الرابطة الإيمانية: هي قوام المجتمع ، وقد كانت الدعامة الثانية ـ بعد بناء المسجد ـ في تأسيس
دولة الإسلام في المدينة بُعَيد هجرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولقد كانت قصة المؤاخاة بين
المهاجرين والأنصار قصة من عالم الحقيقة ، ولكنها في طبيعتها أقرب إلى الأحلام ، وهي قصة
وقعت في الأرض ، ولكنها في طبيعتها من عالم الخلد والجنان ، وفي المقابل فإن انفكاك هذه
الرابطة هو سبب الفشل والضياع ، قال تعالى:
{ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }
لذا عمل الإسلام على توثيق عرى الأخوة ببيان فضائلها ومقاصدها وثمراتها ووسائل تعميقها
ووعد عليها أحسن الجزاء ، واعتبرها وسيلة لكثير من المقاصد والغايات الشرعية العامة
وهذه النقاط هي محور الحديث ، وحتى يكون الحديث مجدياً فلا بد أن يكون وسطاً بين المثالية
المغرقة ، وبين إقرار الواقع.