الشاعر محمد بن مساعد الزهيري الغامدي الملقب ب البس من أقوى شعراء البادية بمنطقة الباحة : وفي مقطع من إحدى قصائده الرائعة التي تتجلى فيها التورية البلاغية، وهو يصف فيها بعض صفات الرجال، وهذا اللون يسمى في منطقة الباحة (الخبو) وهو اشتقاق من الخبيئة عندما يقول الرجل خبأت لك خبيئة؟ أي دسيسة وتسمى في البلاغة (التورية) أي إظهار المعنى في غير حقيقته المخفية أو المقصودة ويقول الشاعر محمد البس في أبيات من إحدى قصائده :


أبو زيد حدّته المعاضي واستلف

ومدين حب اطغت عليه بلود

يوم استلف مدين حب من المَرَهْ

وابطا سنيناً بالشقى مشدود

قالت علامك ما تخلّص ديْننا

ياذا الرخمه يالمترب المعقود

وهو مجار من العذاريب كلها

قرْمٌ وحيّال وفرد فرود

يعشّيْ الخطّار من زاد غيره

يجيبه مع شهاب الليال السود

يرد لا ما مدوا الحلّ كلهم

واليا قال قولٌ ما عليه اردود


وفي هذا المقطع الأخير يمتدح المرأة الكريمة ويذم زوجها البخيل الذي يولم وليمته للضيوف من طعام غيره، ولكن بأسلوب لا يخلو من الطرفه بحيث يخيل للقارئ أنه يمتدح هذا الرجل الذي تدين ليكرم ضيفه وذلك ضرب من الخبو (التورية البلاغية) . وشبه البخيل بالظباء في البخل إذ تقول العرب أبخل من ظبي .

ولهذا الشاعر مع لقبه المعروف مواقف وقد اشتهر باسم (البس) بين الشعراء، وفي إحدى الاحتفالات الشعبية هجاه أحد الشعراء وعيره باسمه فرد عليه بهذه الأبيات الطريفة التي تدل على سرعة بديهة هذا الشاعر وتمتعه بروح المرح ورحابة الصدر فقال :

البس في وثبته يذبح مية فار

في ساعةٍ واحده ما ضاق منها

الحمد لله شرينا سبعة أبقار

شي اجتلبها وشي اشرب لبنها

وهنا الشاعر استطاع بكل ذكاء أن يوظف هذا اللقب للبطش والتقليل من شأن الخصم وأن يدافع عن اسمه وشهرته، حيث شبه من قام بنعته وازدراه بالفأر، وشبه من كان يقهقه ويؤيد ويصفق لهذا الوصف بالأبقار المخصصة للبيع والحلب .