
فروض الوضوء
قوله: [وأما فروضه فستة: غسل الوجه - ومنه المضمضة والاستنشاق - وحدّه طولاً: من منابت شعر الرأس إلى الذقن، وعرضاً: إلى فروع الأذنين، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح جميع الرأس - ومنه الأذنان -وغسل الرجلين إلى الكعبين والترتيب والموالاة، والدليل قوله تعالى: {يَا أَيّها الّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلى الصّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوْسِكُمْ وِأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن} ، ودليل الترتيب حديث : "ابدؤا بما بدأ الله به"، ودليل الموالاة حديث صاحب اللمعة: [عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى رجلاً في قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره بالإعادة].
صفة الوضوء جاءت مبينة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ففي كتاب الله عزّ وجلّ جاءت في سورة المائدة في قوله تعالى: {يَا أَيّها الّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلى الصّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوْسِكُمْ وِأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن} ، ومعنى قوله: (إذا قمتم إلى الصلاة) أي : أردتم القيام لها وأنتم على غير طهارة ، مثل قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ}، أي إذا أردت القراءة، وأما سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد جاءت من قوله وفعله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك: عن حمران مولى عثمان بن عفان أنه رأى عثمان دعا بوضوء فأفرغ من يديه على إنائه فغسلهما ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، ثم مسح برأسه، ثم غسل كل رجل ثلاثاً، ثم قال:رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ نحو وضوئي هذا، وقال: "من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه".رواه البخاري(164) ومسلم(226)، وغسل الأعضاء ثلاثاً هو الوضوء الكامل، ولا يجوز الزيادة على ذلك، وقد جاء الوضوء مرتين مرتين ومرة مرة، والوضوء الواجب مرة واحدة مستوعبة جميع أعضاء الوضوء، وفروض الوضوء ستة:
الأول: غسل الوجه: وحده طولاً من منابت شعر الرأس إلى ما استرسل من اللحية، وعرضاً: ما دون الأذنين، والأذنان في الوضوء من الرأس فتمسحان، وليستا من الوجه فتغسلان، ويستحب تخليل اللحية، والواجب في غسل الوجه غسل ما به المواجهة، فلا يدخل في ذلك تخليل اللحية، ويدخل في غسل الوجه المضمضة والاستنشاق، كما جاء ذلك مبيناً في حديث عثمان رضي الله عنه وغيره.
الثاني: غسل اليدين إلى المرفقين: وذلك من أطراف الأصابع إلى نهاية المرفقين، والمرفقان داخلان في الغسل، ولا يكفي في غسل الكفين في الوضوء غسلهما قبل بدأ الوضوء، لأن ذلك مستحب إلاّ عند القيام من النوم، فإنه واجب، وغسل اليدين يكون بعد غسل الوجه، فلا يكفي ما كان قبله.
الثالث: مسح الرأس: ويكون مرة واحدة يبدأ فيها من مقدم رأسه إلى مؤخره ثم يعود إلى المكان الذي بدأ منه، وما استرسل من شعر المرأة فإنه لا يمسح، بل يكتفى بالمسح إلى مؤخر الرأس ويمسح مع الرأس الأذنان.
الرابع: غسل الرجلين إلى الكعبين: والكعبان داخلان في الغسل، وفي كل رجل كعبان، والمراد بالكعبين العظمين الناتـئين في ظهر القدم.
الخامس: الترتيب: فيجب غسل أعضاء الوضوء على الترتيب الذي جاء في الآية، وجاء في فعله صلى الله عليه وسلم في وضوئه فلا يجوز أن يقدم غسل اليدين على غسل الوجه، ولا مسح الرأس على غسل اليدين وهكذا، أما لو غسل اليد اليسرى قبل اليمنى أو الرجل اليسرى قبل اليمنى فإن الوضوء صحيح إجماعاً، وهو خلاف الأولى، وقد استدل الشيخ رحمه الله للترتيب بحديث: "ابدؤا بما بدأ الله به"، قال صلى الله عليه وسلم ذلك عندما بدأ بالصفا في سعيه، والحديث بلفظ الأمر جاء في سنن النسائي (2962) وهو في صحيح مسلم (2950) بلفظ الخبر.
السادس: الموالاة: وهو أن يوالي (يتابع) بين الأعضاء في الغسل فلا يغسل بعضها ثم ينشغل عن الاستمرار في الوضوء، إلاّ إذا كان الانشغال لعارض يسير كفتح باب قريب فإنه لا يؤثر،(وقيل في معنى الموالاة: أن لا يؤخر غسل عضو حتى يجف الذي قبله)
ويدل لوجوب الموالاة حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ارجع فأحسن وضوءك " فرجع ثم صلى). أخرجه مسلم(243) ، وحديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :" أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة ". أخرجه أبو داود(175) ، ووجه الاستدلال من هذين الحديثين على وجوب الموالاة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر من أبصر على قدمه شيئاً لم يصبه الماء بغسل ذلك الذي لم يصبه الماء بل أمره بإعادة الوضوء، ولو كانت الموالاة غير واجبة كفاه أن يغسل الموضع الذي لم يصبه الماء.
حكم التسمية في الوضوء
قوله: [وواجبه التسمية مع الذكر].
هذا أحد الأقوال في المسألة وهو رواية عن الإمام أحمد، وممن قال به الحسن وإسحاق، والقول الثاني أن التسمية مستحبة، وهو قول جمهور العلماء، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، ذكر ذلك في المغني (1/145)، وقد ورد في التسمية في الوضوء حديث:" لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه". أخرجه أبو داود (101) وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، وذكر الشيخ الألباني أنه حسن. واختيار الشيخ القول بالوجوب مع الذكر، فيه الاحتياط والخروج من الخلاف، ونظير ذلك ما قاله رحمه الله في أدب المشي إلى الصلاة: (وتجزئ تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع، لفعل زيد بن ثابت وابن عمر، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة، وإتيانه بهما أفضل، خروجاً من خلاف من أوجبه).
يتبع إن شاء الله ....
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله المستنيري ; 02-08-2009 الساعة 08:11 AM