
فلسفة الحب في الثقافة العسيرية
الحب أرق وأعذب ما في الوجود , به نرى الكون جميلا والحياة حلوة , الحب يعلمك مشاعر وأحاسيس وصفات لم تعرفها من قبل , الحب يجعلك انسانا أروع ويخرج أجمل ما فيك , لذلك لا شيء أجمل من الحب , لا شيء يعدل عندك أن تكون قريبا من حبيبك , أن تسمعه أن تحادثه .
لكل ثقافة وبيئة تعريفها ونظرتها للحب , والناس ينظرون للحب ويعبرون عنه بطرق مختلفة تبعا لثقافاتهم وبيئاتهم , في عسير(*) للحب معنى كبير , هو في الثقافة العسيرية يعني الصدق والاخلاص والكلمة الحلوة , يعني الفرح والابتهاج , يعني أن تحب بكل جوارحك , يعني أن ترى الحبيب أعذب عندك من " غيل " الوادي وأرق من نسيم الجبل وألطف من الغيم وأخضر من الشجر .
الحب في عسير هو أن تقول لمحبوبك كل عبارات الحب حتى تغدي هذه العبارات لغة التواصل ,, " الله يطعني عنك ولا أموت" , " الله يجعلني آخذ ضيمك" , " جعله بعمري " , " الله يجعل يومي قبل يومك" ... عبارات كثيرة جدا لا تتوافر في ثقافة أخرى .
هنا في هذه الثقافة , الحب قوامه المعنى و المبنى ... فهو يحب حبيبته بكل قلبه وجوارحه ومشاعره , ثم يعبر عن ذلك الحب دائما وأبدا بأن يجعل نفسه فداء لحبيبه , فهو لم يجد أغلى من نفسه ليجعلها فداء لمن يحب.
عندما يحب العسيري الانسان فان علامات حبه تظهر لحبيبه , يجلسان أحيانا ليقولا كلاما طويلا ينبئ كل طرف عن حبه للآخر ...
أجمل ما في الحب العسيري أنه عذب وجميل ورقيق , الحبيبة تبذل كل ما في وسعها من أجل محبوبها , " تبيض بوجه" نعم .. هذا همها أن تجعل همها أن يرتفع شأن حبيبها وأن تفتخر به.... منتهى التضحية ونكران الذات مقابل سعادة الحبيب.
العسيريون عرفوا الحب كلغة وثقافة , لا يرتبط شخص الا بمن أحب بقلبه وعقله , حبهم كان تحت شعاع الشمس الضاحية , وتحت نور القمر الضافي .
لغة العيون كان أكبر لغة محكية بين المحبين , يراها وتراه , فيعرف كل منهما أي كلام يقوله الحبيب وأي لغة تتعاطاها العيون بلا ريبة ولا ظنون.
الزهر والورد والريحان , المكعس المنديل , الثوب الأبيض والكوت الأسود والجنبية ... كلها تتناسق مع بعضها في لوحة فريدة اسمها الحب العسيري.
الحب العسيري هو حب المشاعر والأحاسيس , عندما يجلس المحب بين الورد والشجر على سفح جبل يغني بأعلى صوته تلك الألحان العسيرية الجميلة... يغني في حبيبته ويتيم حبا في هواها وفي ذكرها ... وهي كذلك " تبدع" و " تنشد" لعل صدى الجبال يوصل شيئا للحبيب.
هذا هو حبنا , وهكذا نحب ... فرحم الله عسير وأهل عسير
----------------------------------
(*) نقصد عسير المنطقة لا القبيلة فقط.