
تعالوا وانفوني إلى جزر "الكايمان" إن زادت الحكومة الرواتب.
زيادة الرواتب.. لستُ أدري!
نجيب الزامل - 05/12/1428هـ
* أهلا بكم بمقتطفات الجمعة رقم 227.أرجو أن تنال رضاكم.
***
* قضية الأسبوع: وفق اللهُ هذه البلاد بأن تخرج أكبر ميزانية في تاريخها، ولكن الأستاذ "علي الشدي"، في مقاله "الاقتصادية" أمس، يقول لا معنى للميزانية إن لم تطبق مشاريعها، وهو يريد أن يقول لا يفرح الناسُ بالأرقام، ولكن يفرح الناس بأن تكون تعبيرا عن زيادة نقدية في جيوبهم، ويعني أيضا أن يروها مشاريع ملموسة ومنتجة تهيئ حياتـَهم، والأجيالَ المقبلة، لغدٍ أفضل. وأنا - بالاستئذان من زميلي الكبير - أود توضيح أنه لا يكون هناك غدٌ أفضل إن لم نصنع اليومَ أفضل. وكتب كتاب هذه الجريدة وهي المعبرة عن الروح الاقتصادية في البلاد من رئيس تحريرها إلى الأستاذ صالح الشهوان عن مسألة زيادة الرواتب لموظفي الحكومة، وهناك من نادى بعدم الزيادة وهناك من طالب بها، ولكلٍ أسبابه ومبرراته، وأستأذن كل زملائي الكبار وأقول تعالوا وانفوني إلى جزر "الكايمان" إن زادت الحكومة الرواتب.
***
* موقف الجمعة: وقرأت في جريدة (اليوم) أمس الخميس، أن معلمين يريدون أن يقاضوا مؤسستهم التعليمية الحكومية من أجل تحسين أوضاعهم، وصاروا يجمعون الأموالَ بينهم من أجل أن يعيـّنوا محاميا يرافع لهم عن قضيتهم في المحاكم.. ثم عجبتُ جدا، جدا ( نعم مرة ثانية!) أن تقوم الجهة الرسمية بإعلان تحذيري توبخهم به وتشير لهم بلائحة العقوبات في مسألة جمع الأموال، ثم وبتناقض مدهش، مع التوبيخ لا تنسى أن تشير إلى أنها تؤيدهم في مسألة المطالبة بحقوقهم. يا سلام! لم أكن أعرف معنى من قال ترميني بالبحر وتحذرني من البللِ، إلا لما قرأتُ هذه الخبر.. قولوا لي: كيف إذن يطالبون بحقوقهم؟ هل يرفعون الشكوى إليكم، وأنتم المُشتكى منكم؟! هل بأن لا يرفعوا أساسا قضية؟ حاضر، ثم كيف سيأتي الحق بلا مطالبة؟!! أنا الآن لا أطالب بتحسين أوضاعهم، ولكني هرشتُ رأسي حتى تدمى كي أعرف كيف سيقع المعلمون في البحر من دون أن يتبللوا؟! كيف سيطالبون بحقهم من غير الاحتكام لجهةٍ مختصةٍ مستقلة؟.. لو أُجـِبْتُ بالإقناع والمنطق، فسأكتبُ قبل أن أرحل لجزر الكايمان مطالبا بتخفيض رواتب المعلمين!!
***
* ألا بؤسا على "جزر الكايمان"، فقد أنستني أن أذكر في المقتطف السابق بأن الحل الأقوى والأسرع لهدم قدرات أجيالنا المقبلة هو فقط بإحباط المعلمين.. بس!
***
* كاتبة الجمعة: أقدم لكم "إيزابيل اللندي" كاتبة تكتسح العالم، وإن لم تكتسحه فالخطأ إذن في العالم، لأنها اكتسحتني منذ قرأتُ كتابها الأول، وما زال الاكتساحُ مستمرا، ومتواترا، وقويا.. كاتبة تقف متربعة فوق قمة الواقعية السحرية مع الكبار.. الكبار جدا في قارتها، أمريكا اللاتينية.. هذه المرأة التشيلية الصغيرة الجسم، الهائلة العقل المتفجرة الأحاسيس، الصريحة حتى وراء النخاع، الموهوبة بعبقرية كأعاصير "النينيو" التي تضرب القارة فتقلعها، تغير خريطة الكتابة النسائية، بل شكل الكتابة القصصية فيما أعرفه بكتابة القصة وتنوعها وثرائها ومكاشفاتها الإنسانية، وعمقها العقلي والبحثي، والعاطفة الموغلة التي تذهب كسهمٍ إنديزي مباشرة إلى منابع الدمع، وشلاّل الضحكات.. حين تقرأ لهذه السيدة العملاقة تتمنى لو أتقنتَ الإسبانية مع أنك لا تفقد هذا الإيقاع اللاتيني بترجماتها الإنجليزية لكون مترجموها مختارين بعناية من الضالعين في الأسبانية كلغةٍ أمٍّ، وفي الإنجليزية.. كلغةٍ أمٍّ أيضا. في الإنجليزية كلمة لا مقابل لها في العربية تطالعها دوما في سيرة القصصيين كلمة Debut.. وتعني أول عمل أدبي لمؤلف.. ولها وقعٌ لمن يتذوق الإنجليزية الأدبية، وترددت في صحف العالم الناطقة بالإنجليزية احتفاء بخروج القصة الأولى لإيزابيل بعنوان: بيت الأرواح House of Spirits وأقوى جملةٍ نقدية من ناقدٍ في "الجارديان" علـّق: "ها هي أولُ امرأة تدخلُ ما كان ناديا رفيعا خاصا ومغلقا لروائيي أمريكا اللاتينية الرجال". هذه المرأة غريبة، مختلفة في كل شيء، فهي تشعل الشموع، وتسبحُ في بحرٍ طقسي خاص حتى تستدعي دواعي الإلهام، ومفجِّرات القريحة.. وتنجح.
***
* إيزابيل اللندي تعبر عن شعور من لا تـُجاز مقالاتهم من الكتاب فتقول: ".. حينما تفقدُ شيئا مهما في حياتك هو حرية الرأي والصحافة فتقول: لا بأس أستطيع أن أعتاد ذلك، بعد فترة تجد أنك فقدت أهم الأشياء التي لها معنى في حياتك. والمؤلم.. أنك تعتاد ذلك!".. يا الله.. ما أصدقها!
***
* قصيدة الجمعة: أبياتٌ اخترتها من قصيدةٍ وصلتني بالبريد:
جئتُ لا أعلم للســـوق ..
ولكني أتيتُ
ولقد أبصرت قدامي خيارا فاشتريتُ..
فإذا بالسـعـر كالنار لهيبا فاكتويتُ
كيف جئتُ؟ كيف ضيعتُ فلـــوسي؟ لستُ أدري
ومعـاشي ما معاشي ؟
أقليل أم كثير؟ هل أنا أسعد أم أشقى به مثل الأجيرْ ؟
أأنا السـائرُ للمـالِ، أم المـالُ يســير؟
أم كلانا واقفٌ، والـدَّينُ يجري.. لستُ أدري
أنا يا تاجـــر خلقٌ .. مثلما ربك ربي
لي نفسٌ تتشهى ... وأحاسيسٌ بقلبي ...ليَ أطفالٌ صغارٌ .. أرتجيهم وأُربِّي!!
فلماذا أنت تلهــــو بمصيري. لستُ أدري
مع السلامة..
http://www.aleqtisadiah.com/article....ate=2007-12-14