
جنة المستعمر ولا نار.. الوطن!!
جنة المستعمر ولا نار.. الوطن!!
.. قبل حوالي عشرة ايام، اصيبت القنوات الفضائية بـ «نوبة وطنية» تزورها كلما حلت ذكرى عربية ـ بائسة أو مفرحة ـ فشاهدت فيلم «جميلة بوحريد» على فضائية،
وفيلم «الرصاصة لاتزال في جيبي» على اخرى، و«العمر لحظة» على ثالثة، و«أرض السلام» على رابعة.. وهكذا، اما المناسبة ـ او «النوبة» ـ فقد كانت.. «الخامس من
حزيران ـ يونيو عام 1967»، او ما عرف بـ «النكسة» رسميا، و«الوكسة».. شعبيا!! شطح بي الخيال بعيدا ـ وانا اشاهد هذه الافلام ـ مستعيدا صراع الشعب الجزائري
ضد الاحتلال الفرنسي لمدة 130 عاما حين دفع مليون مواطن «ضريبة التحرر» من دمائهم، و.. ماذا حدث الآن؟! الجزائريون يدفعون ثمن دم قلوبهم من اجل الحصول على تأشيرة دخول الى بلد المستعمر القديم «فرنسا» من اجل حياة افضل وهربا من نار بلادهم وتتلقفهم اسماك القرش وهم يتسللون عبر زوارق صيد السمك البدائية للوصول
الى «ارض الاحلام» ليبقى السؤال.. «اذن؟ لماذا حاربتم فرنسا لقرن وربع القرن ورفضتم ان تكونوا جزءا منها وبذلتم كل ذلك الدم.. المليوني؟!» المصريون قاتلوا
الانجليز والفرنسيين والاسرائيليين طيلة قرن كامل و«ماذا حدث الآن؟! يدفعون ثمن دم قلوبهم من اجل الحصول على تأشيرة دخول الى بلد «المستعمر القديم» في
بريطانيا وامريكا ودول الاتحاد الاوروبي و.. اسرائيل من اجل حياة افضل وهربا من نار العيش في بلادهم»!!
اذن؟! لماذا حاربتم انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة واسرائيل؟! اليمنيون ـ في الشمال ـ حاربوا حكم «الائمة» الذي كان يدعمه السعوديون وبعد زواله، دفع كل
يمني «ثمن دم قلبه» ليحصل على تأشيرة دخول الى السعودية.. ارض احلامهم في الثراء والعيش الامن والمستقر وهربا من نار العيش في بلادهم!! اليمنيون ـ في
الجنوب ـ قاتلوا الانجليز لسنوات طويلة، وعندما طردوهم من بلادهم جاءوا.. بالسوفيات، ولما غادر السوفيات ارضهم بعد سقوط الامبراطورية السابقة، سقطوا بيد اليمن
الشمالي!! واحلامهم مازالت مستمرة بالحصول على تأشيرة دخول الى بلاد المستعمرين السابقين في لندن.. وموسكو والغرب ودول الخليج!! اللبنانيون قاتلوا
العثمانيين والفرنسيين والسوريين، وعندما خرج كل هؤلاء من بلادهم، اصطفوا طوابير امام سفارات العالم للبحث عن وطن يقدم لهم الامن والامان والعيش.. الدسم!!
السودانيون قاتلوا الانجليزي المستعمر، فلما تحررت ارضهم اصبحت «لندن» والمدن البريطانية تعج بالسودانيين اكثر من.. الانجليز! لماذا ـ اذن ـ كل هذه «الثورات العربية ضد المستعمر» على مدى المائة سنة الماضية وصراخ.. «الاستقلال التام او الموت الزؤام»، و«يا عزيز.. يا عزيز.. كبة تاخذ الانجليز» و«ارض العرب.. للعرب»
و«امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة».. الى اخره، مادامت النتيجة النهائية لها.. «ان العيش مع المستعمر ـ او في بلاده ـ افضل من العيش في تلك الاوطان التي شربت
ارضها ـ حتى ارتوت ـ من دماء ابناء شعبها»؟! الفلسطينيون هم اخر من تبقى من عرب «الثورات»، وانا على يقين من ان دولتهم المستقلة ـ لو قامت ـ فسيتهافت
الملايين منهم للحصول على تأشيرة دخول الى ارض الاحلام.. اسرائيل «المستعمر السابق»!!
***
.. «مجلس الوزراء يوافق على تأجيل الدراسة الى ما بعد رمضان والعيد»!!.. «مجلس الوزراء ـ مازال ـ يدرس تأجيل الدراسة الى ما بعد رمضان والعيد الى جلسة..
قادمة»! «مجلس الوزراء يوافق ـ مبدئيا ـ على تأجيل الدراسة الى ما بعد رمضان والعيد»!! هذه الاخبار ليست من تأليفي، بل نشرت بعضها الصحف اليومية والبعض الاخر
وكالة «كونا» الرسمية التابعة للحكومة الكويتية، فاذا كنا ـ في موضوع بسيط واداري كهذا ـ لم تستطع الدولة ان تتخذ فيه قرارا، فكيف بتحويل «الكويت الى مركز
مالي واستثماري» وانشاء «مدينة الحرير» و«نفط الشمال» و«القضاء على طوابير الاسكان» وحل معضلة.. «وثيقة الدواوين»؟! ويقولون ـ ايضا ـ دخلنا عصر الحكومة
الالكترونية!
***
.. النائب «ناصر الصانع» يقول ـ في تعليقه على موضوع ادراج جمعية احياء التراث في القائمة السوداء الامريكية ـ «الرد الامريكي ـ دائما ـ بان ما لديهم هو معلومات
استخباراتية»!! هل يريد النائب «الصانع» من الامريكيين ان يقولوا له ان «مصادر معلوماتهم جاءت من.. اهل دواوين واشنطن.. اللي عروقها بالماي»؟!
تاريخ النشر: الاربعاء 18/6/2008
مقال للكاتب فؤاد الهاشم
واتمنى ان ينال اعجابكم