
اختيارك للاسم عنوان ثقافتك
بسم الله الرحمن الرحيم
الجمال أجمعت العقول البشرية على حبه ، واتفقت الأذواق الإنسانية على عشقه ، وأعظم من ذلك كله أحبه الله وقدره " إن الله جميل يحب الجمال " والناظر إلى الكون وما حوى ، يرى فيه إبداع الخالق في خلقه ، وإتقان في تناسبه وتكامله ، ميزته جمال خارق ، وحسن باهرٌ.
فالعيون لما ترتفع إلى السماء تبصر سواداً ونجوماً يكونان صورة هي أروع ما تكون ، وتزداد بهاء وكمالاً لما يتوسطهما قمرٌ مضيء ، فلا يملك اللسان سوى تسبيح الخالق المبدع ، والناظر إلى البحار يرى أطيافه من الألوان منسبة وأمواج متقاذفة يصعب إزاحة العيون عنها لجمالها وحسنها ، أما الناظر إلى الطبيعة المكسوة بثوب الخضرة وقد ضمت الجبال والهضاب والسهول والأنهار والوديان ، فإن القلب يزداد خفقاناً وإعجاباً وذهولا ، حتى الصحراء رغم حرارة جوها وصعوبة مداركها فالناظر إليها بعين التأمل يرى جمالاً عجيباً ، واسألوا عنها أهل الغرب حين يرونها…
زبدة القول وخلاصته أن الله جعل الجمال في الكون إعلاء لمنزلته وسمواً بقدره ، والرسول - صلى الله عليه وسلم – سيد الخلق كان هو الجمال بعينه ، كان البدر الساطع كمالاً وحسناً ، وجماله - صلى الله عليه وسلم – كان جامعاً شاملاً لجمال الخٌلُقِ والخَلْق ، كان جميل الوجه والذات ، جميل المظهر والهندام ، جميل القول والبيان ، جميل الاسم والحرف ، جميل الظاهر والباطن ، ولتعظيمه للجمال وتقديره كان حريصاً صلى الله عليه وسلم على نشر الجمال حوله ومصراً على رفع الإحساس به والتطبع به ، وجداناً وذاتاً ، روحاً ونفساً ، عقلاً وفكراً ، فكان يوجه وينبه ويصحح ويقوم ، كل ذلك اهتماماً بالجمال ، فيأمر أصحابه بالاغتسال والسواك وترجيل الشعر وتزييته وتطييبه ، والتعطير واللباس الجميل للمستطاع ، ويثني ويمدح إذا رأى جمالاً متجلياً أمام عينيه ، مبدياً سروره وإعجابه.
وبلغ حرصه – صلى الله عليه وسلم – على أن يتجلى الجمال كسلوك وعادة في المجتمع إلى حد تغيير الأسماء الذميمة والقبيحة ، ويأمر أصحابها بتغييرها ، بل يغيرها بنفسه – صلى الله عليه وسلم - ، وكان – صلى الله عليه وسلم – يستبشر بالأسماء الحسنة الجميلة ، ويكره الأسماء القبيحة والسيئة الخارجة عن خوارم المروءة ، مع العلم أن أصحاب الأسماء الذميمة لم يكونوا مسئولين عنها ، إذ لم يكن لهم فيها اختيار ولا إرادة بل سموا بها من قبل أبائهم.
ومن العجب العجاب في عصرنا هذا عصر التقدم والتكنولوجيا ، عصر القرية الصغيرة ، عصر وسائل الإعلام التي تحمل إليك جمال العالم كله مهما بعد واختلف وتضعه بين يديك وأنت مسترخي على أريكتك وفي بيتك أو مكتبك ، نرى أناساً يغيرون أسمائهم وألقابهم إلى أسماء في غاية القبح والسذاجة والغير مفهومة بل برموز وأحرف ليست من عادات العرب والمسلمين التشبه بها.. ويكثر هذا ويتفشى في المنتديات التي تضم مشاركين كثر من أطياف المجتمع باختلاف أجناسهم وأعمارهم وثقافتهم ومستوياتهم الاجتماعية والمهنية ، يسعى هؤلاء إلى التمييز وهم لا يدرون أنهم يقعون في التهتك ، دافع الكثير منهم تقيد الغرب في التحرر من التقاليد والأعراف ومحاربتها ومخالفة الدين ومعاكسة المجتمع ، ظانين أنهم بذلك تحرروا من " تخلف " المجتمع وأصبحوا متقدمين متحضرين ، وهم لا يشعرون أنهم يَحْتَقرون ذاتهم ويزدرون المجتمع ، خاصة لما يتلقبون بأسماء المشركين والكفرة ، وأسماء الانحلال والفساد ، فهم بذلك يقعون في مخالفات شرعية وخلقية ، كان الأجدر بهم الترفع عنها وعدم الوقع فيها.
نصيحة من قلب يخفق بالحب للجمال ، أن نلتزم بالجمال في كل الصغائر والكبائر ، وإن كان من الضروري التستر وراء أسماء مستعارة خاصة في منتديات النت ، فتاريخنا وتراثنا يزخر بأسماء كثيرة وعديدة تحمل من ألوان التميز والطرافة والدلالة الشيء الكثير والكثير..
فهيا بنا نحافظ على الجمال في جميع جزئيات الحياة ، فما أجمل الحياة لمّا تكون جميلة..