
مقال للكاتب ملفي القحطاني بجريدة الوطن السعودية
يجب أن تعلمنا الأزمات كيف نتفاداها مستقبلا
"كل طقة بتعليمة"
هذا المثل السائد في المجتمعات العربية والغربية قليلاً جداً ما يطبق رغم أنه يحمل الكثير من المعاني الهادفة ، فقد نستخرج منه أن الحياة دروس وعبر وقد نقول إن النجاح لا يأتي إلا بعد الفشل وقد يقال إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وقد يقول قائل إن الخبرات الجيدة لا تأتي إلا من التجارب والمحن وقد يقول آخر إن أخطاءنا هي التي علمتنا، وهناك الكثير من المعاني الأخرى لهذا المثل الذي من وجهة نظري أنه كنز مهمل .
اسمحوا لي أن أدخل في صلب موضوع هذا المقال وأقول نحن في دولة أنعم الله علينا فيها بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى في ظل قيادة رشيدة نسال الله أن يسدد خطى حاكمها وولي عهده وإخوانه وبطانتهم الصالحة فقط .
وليس الحديث عن سرد ما نحن ننعم فيه من هذه النعم التي قلت في كثير من الدول المجاورة وغير المجاورة لكني مع شكري وحمدي لله عز وجل على ما نحن نعيشه من أمن وأمان وسلامة في الأبدان وطاعة للرحمن سألقي اللوم على من لم يستفد من أزمات الزمان ويجعل لها خططاً وبدائل ليستمر هذا الأمان .
مررنا هذا الصيف بثلاث أزمات من أكبر الأزمات التي يندى لها الجبين وتتألم منها السنين، فعطشان لم يرتو وظلام لم ينجل وخطوط لم تعتل.
الأزمة الأولى
أزمة مياه التحلية(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) أنا لن أتكلم وأخوض في هذه الأزمة والقصص العجيبة التي حصلت في هذا الصيف بمدينة أبها والباحة التي هي وجهة من أراد السياحة في هذا البلد الغالي ولن أتكلم عن محطات توزيع المياه في هذه المناطق فكلكم شاهدتم ما شاهدت وسمعتم ما سمعت ويكفي كدليل أن شاحنة ماء 16 طن وصلت إلى 600 ريال وأرقام حجز صهاريج الماء في السوق السوداء وصلت إلى 300 ريال .
الأزمة الثانية
أزمة انقطاع الكهرباء التي أخذنا عليها عهوداً ووعوداً بأنها لن تنقطع هذا الصيف وأنا مستعدون لأي حالة طارئة ومع ذلك أحضروا لي الآلة الحاسبة لكي أحسب لكم كم خسرت الشركات من إنتاجها اليومي إثر انقطاع الكهرباء المتكرر هذا الصيف وكم من بيوت وعوائل أظلمت في غسق الدجى وتنادي وتقول إلى الله المشتكى .
الأزمة الثالثة
أزمة الحجز على خطوط الطيران وبكل أمانة أستغرب ولأول مرة من هذه الخطوط ورغم التطور الذي تسعى له هذه الخطوط إلا أن الظاهر لنا العكس فنحن نرى انحدارا في الخدمات وليس تطورا ورقيا، ندعو للسياحة بمدينة أبها البهية ومدينة الباحة الزكية ونسينا أن الوصول لهاتين المدينتين في الغالب عن طريق الخطوط فلما تذكرنا جلسنا في بيوتنا.
السؤال الموجه هنا ماذا أعددنا من خطط بديلة لهذه الأزمات وما ذا لا قدر الله لو حصل أكبر مما حصل أين الخطط الاستراتيجية وأين النظرة المستقبلية وهل هذه الأزمات بمثابة الاختبار والتجربة لكي نبدأ في البحث عن حلول ودراسات مجدية لنجد البديل المناسب لمثل هذا الحدث أم أنها ستمر علينا مرور الكرام.
أنا مواطن أحمل في قلبي الغيرة والحس الوطني على هذا البلد الذي أفديه بروحي لا يرضيني أن أرى وطني في أزمة لا يرضيني أن أسمع من يتكلم فيه بما لا يعقل ولا يرضيني أن يُستهان بمثل هذه الأزمات ولا يرضيني أن يُستهان بابن هذا الوطن فهو الذراع الأيمن وبه تعلو الهمم وتبنى القمم .
ملفي القحطاني
الثلاثاء 16 رمضان 1429هـ الموافق 16 سبتمبر 2008م العدد (2909) السنة الثامنة
التعديل الأخير تم بواسطة خطاب ; 04-10-2008 الساعة 09:09 PM