بسم الله الرحمن الرحيم
من طبيعة الإنسان التقليد ، ومحاكاة الآخرين ، إلا أن الناس يختلفون دائماً في هذه المحاكاة ، وذلك التقليد ، فهناك من الشباب من ينساق وراء التقليد دون تفكير ، فهو إمعة يتبع كل ناعق لا يعرف ما يضره مما ينفعه ، هناك من الشباب من يقلد ولكنه لا يقدم على فعل شيء إلا بعد أن يفكر فيما يريد أن يقلد فيه ، هل له قيمة جوهرية في الحياة أم هو شيء تافه لا ينفع بقدر ما يضر؟ وهذا لا شك شأن من يعرف قيمة الحياة ، ويفهم واجب المجتمع عليه ويدرك ما هو ضار أو نافع ، ونأسف إذا نقرر هنا أن كثيراً من الشباب لا يقلد إلا فيما هو سيء وهزيل ، على اعتبار أن هذا نظهر من مظاهر التقدم فلو اختار بدل التقليد في تصفيف الشعر ، ولبس السلاسل الذهبية ، والتشبه بالنساء في كثير من خصائصهن ، التقليد في الصبر على الحياة الخشنة بين كثبان الرمال والصبر على العمل الشاق ، وقمم الجبال بحثاً عن مصادر الخير لأمته ، ولو عدل كذلك عن قتل الوقت بين جدران الكباريهات وصالات الرقص والتسكع بسيارته ورفع صوت الموسيقى وقتل الوقت فيما لا ينفع إلى استغلاله بين حقول المزارع وبين أرفف المكتبات والاطلاع على كل جديد من جميع الثقافات أو العمل المهني ونحوه .
أقول لو انتهج شبابنا هذا المنهج لكن تقليداً نحمده عليه ونقدم له من الشكر أجُلَّه ، ولكان هذا هو التقليد المفيد الذي تباركه مبادئ الإسلام المتمثلة في العلم والعمل والإنتاج ، وإذا كانت الحاجة ماسة إلى تقليد الغير فيما سبقونا إليه من علم ، فلقد سبق أن قلدونا قديماً ، يوم كان الأندلس مزدهراً بالحضارة الإسلامية ن في الوقت الذي كان فيه الغرب يتخبط في متاهات الجهل ويعيش على هامش الحياة ولكن كما قيل : يوم لك ويوم عليك ن فَكَّروا وعملوا وأنتجوا وتوقفنا فلم نفكر.. ولم نعمل.. ولم ننتج.. فصرنا عالة عليهم ، واحتجنا إلى تقليدهم وما كان هذا من أمر ديننا فلنقلدهم في اللباب لا في القشور.
والحمد لله رب العالمين