
لغتنا العربية في عصر المعلومات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث عن اللغة في عصر المعلومات تسوده نبرة التشاؤم ، وتوالي ظهور المصطلحات التي تعكس مدى القلق على مصير اللغة في هذا العصر ، من قبيل : الفجوة والفاصل اللغوي وانقراض اللغات ، والعنصرية والتوحد اللغوي والحروب اللغوية ، وتمادى البعض في تشاؤمه ليدرج اللغة ضمن قائمة الموت والاندثار كضحية جديدة تضاف إلى ضحايا العولمة.
والمعلوماتية التي اسماها البعض بمقبرة اللغات ، وأنها أمضى أسلحة التجنيس الثقافي.
لقد بات واضحاً أن العالم يواجه على جبهة اللغة موقفاً مصيرياً ، إما أن يتمسك بتعدد لغاته ، وما ينطوي عليه ذلك من صعوبة التواصل وإعاقة تبادل المعلومات والمعارف ، وإما أن تتوحد لغات العالم في لغة قياسية واحدة ، الإنجليزية في أغلب الظن ، وساعتها تكون قد حلت بالبشرية الطامة الكبرى على حد تعبير مدير منظمة اليونسكو في لقاء دافوس آنذاك.
من هنا بدأ يتنامى قلق من أن تكنولوجيا المعلومات بصفة عامة ، والانترنت بصفة خاصة ستؤدي بالتنوع الثقافي ، وتسارع في الانقراض اللغوي كوباء ثقافي يجتاح العالم بأسره ، ومن أهم أسبابه حالياً : طغيان اللغة الانجليزية على ساحة المعلوماتية سواء من حيث معدل إنتاج الوثائق الإلكترونية وحجم تبادلها ، أو اللغة التي تتعامل معها البرمجيات وآت البحث عبر الانترنت ، ناهيك عن المطبوعات المتعلقة بالجوانب المختلفة لتكنولوجيا المعلومات من أدلة تشغيل ومكانز ومعاجم ومسردات ومواصفات فنية وثقافية وعلمية ، وكتب مدرسية وغير مدرسية من مستوى الأطفال حتى أعلى مستويات التخصص الفني ، وهاهي إحصاءات اليونسكو تصدمنا بحقائق مفزعة عن الوضع العالمي للغات البشرية ، فنصف لغات العالم ( 6000 ) لغة مهددة بالانقراض ومعدل انقراضها في تسارع متزايد حتى وصل هذا المعدل حالياً إلى انقراض لغة إنسانية كل أسبوعين.
أما بالنسبة للغة العربية التي استطاعت تاريخياً أن تكون سجلاً أميناً لحضارة كان ازدهارها مثار جدل ودراسات ما زالت حتى يومنا الحاضر وكذلك انتكاسها هل تعيش هذه الأزمة؟
قديماً كانت العربية لغة علم وبحث علمي اقتربت من العالمية على كل طالب للمعرفة.
لماذا تراجع دورها اليوم؟
وهل تعاني عروبتنا اللغوية اليوم الفجوة في مجال استخدامها كـ " لغة علم وعرفة " ؟
وعن فجوة اللغة العربية التي تعانيها أمام المد المعرفي فقد تم تفريغها من قبل الباحثين لعدة فجوات هي : فجوة حوسبة اللغة ( معالجتها آلياً ) إضافة لفجوات البنى التحتية لمنظومة اللغة العربية وتشمل : فجوة الموارد البشرية ، فجوة موارد المعلومات اللغوية ، فجوة التوثيق اللغوي.
والسؤال الأهم هنا هل تستطيع العربية اليوم أن تستخدم في مجال العلوم التقنية والمعلوماتية لتعود كـ " لغة معرفة كما كانت "...؟
أم أن العربية ستندثر أمام المد المعلوماتي باعتبارها ليست لغة العصر..؟