
نــريــــد رِفْقَـــًا يا ســـادة ..!
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كنت أقرأ في أحد الكتب وبينما أنا ألتهم سطرًا يعقبه آخر حتى وصلت إلى جملة لا تتعدى السطر الواحد إن لم يكن نصفه ، وإذا بها عقبة لا يرقاها أصحاب النفوس الضعيفة وأهل الأهواء المرتكّة وإذا به حديث من أحاديث نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فأنا أحفظ هذا الحديث جيدًا وأستدل به في بعض المواضع والنوادي ولكن الإنسان قد يقول شيئًا لا يلقي له بال إلا ما كان في خدمة موضعه ذلك ، وقفت وقفة طويلة أتأمل ذلك الحديث النبوي الشريف ولو طبقه كل مسلم في حياته ! في ظني بل أزعم أنه سيحدث نقلة نوعية في حياة كل شخص ولكن بشرط أن يطبقه بحذافيره ؛ نحن نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أفصح العرب بلا منازع حتى انه روي انه قال عليه الصلاة والسلام : (أنا أفصح العرب بيد أني من قريش) وهذه من البلاغة فعندما أتيت وقرأت هذا الحديث وجدته قليلٌ في لفظه بعيدٌ في مسلكه ومعناه حديث ذو أوساط كثيرة وأطراف عديدة ، فالحديث فيه في البلاغة ما يسمى المقابلة وهي من المحسنات البديعية فهي من أكثر ما شدَّني ؛ وأخذت أتأمل فيه حتى سرحت في هذه الدرّة فقد تملكت عقلي وعاطفتي معًا ؛ وأنا أقطع أنه لا يوجد أحد منكم إلا وقد سمعه وكانت تلك الجملة (الحديث النبوي) من جملة ما ذكره صاحب الكتاب فقد روى عن الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
((ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه ؛ وما نزع من شيءٍ إلا شانه)) .!!
وجدتُ هذا الحديث لبُ أمة ودستور قوم ومنهاج مجتمع ، فقد دعاني خيالي إلا المثالية التي ذكرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث ، وجعلني أتصور أمّة تعيش برفق وهدوء ، أمة متفهمة جعلت من الرفق منهج حياة وضوء طريق ..
تخيل نفسك تعامل جارك برفق وابنك برفق وأباك برفق وعمك وخالك ومن يمر بالطريق برفق وأمك وزوجتك وأختك برفق ، حتى يصل بك الرفق أن ترفق بنفسك في كل أمر قد يقودك إلى هلاك ما بين جنبين فلا تقحم فكرك فيما يقف عنده فهذا رفق ولا تلقي بنفسك إلى هلاك حسدك وروحك من سرعة جنونية أو كل ما يضر بجسدك فهذا رفق بل يجب أن يتعدى رفقك بنفسك إلى رفقك على الأرض التي تعيشها وعلى المسكن التي تسكنه وعلى السيارة التي تركبها ، حتى أن الكلام إذا امتزج بالرفق وكانت الكلمات كلها رفيقة ارتحت وريحت وسكنت واسكنت فهذه هي الفلسفة الحقة للرفق ؛ واسبح معي بخيالك وانظر إلى أي مدى ستصل المثالية للمجتمع المسلم ..؟
إن فلسفة الرفق شيءٌ عظيم فهي الصورة الحقة للإسلام والتعامل برفق في كل شيء هو ما حث عليه الدين الحنيف ، حيث يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله رفيق يحب الرفق , وإن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ) ..
الله عزوجل يصف نفسه بالرفق والله تعالى ينسب صفة الرفق لنفسه فهي من أفعاله ومن رفقه تعالى أنه يقبل توبة التائب ويقبل أوبة الآيب ويستر على عباده ويجزي الجنة كل من كان من عباده المؤمنين فهذه هي قمة الرفق ةالعفو والصفح ..
الرفق يتمثل أيضًا في قوله جل شأنه : (ادفع بالتي هي أحسن) هذه قمة الرفق أن أمر الله عزوجل بالإحسان والرفق حتى مع من نعادي ؟؟!
حياة النبي صلى الله عليه وسلم مليئة بالرفق ولو استعرضنا ما وصفنا عشر معشار رفقه - صلى الله عليه وسلم - بمن يخاطب ، فله مواقف في الرفق مع أصحابه ، وله مواقف في الرفق مع زوجاته ، وله مواقف في الرفق مع الأطفال ، وله مواقف مع كل من تعامل معهم يُضرب بها المثل في الرفق والعفو والإحسان ..
إلى هنا أقف فهذا الأمر مهما استفاض فيه الإنسان فلن يبلغ آخره ، وهذا الحديث لو لم يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم إلا به لكفى ، فهو كما ذكرت منهج حياة لمن ألقى السمع وهو شهيد ..
إذًا أيها الأحبة أنصحكم جميعًا بأن تجعلون هذا الحديث دتسورًا تسيرون عليه فوالله ما خاب من جعل هذا الحديث ناصية له فأسأله أن يجعلنا من الرافقين بعباده ..
وأسأل الله عزوجل أن يرفق بنا وأن يجعلنا ممن يرفق من عباده ..... آمين ..