قريتي تخلف أم حضارة!
بسيطة هي حياتي، لا تعيقدات ولابروتوكولات،أعيشها في قرية، أعرفها حق المعرفة، أعرف مسالكها ودروبها، لي أولاد عم ولدوا وترعرعوا في العاصمة،يأتون كل صيف إلى قريتنا، يحدثوننا عن الحضارة التي يعيشونها ويصفوننا بل يوصمونا بالتخلف الذي نعيشه في هذه القرية،بدأت أفكر وأفكر في ألف حيلة وحيلة على والدي ليرسلني إلى الرياض،كان الوالد يعدني ولكن ظروف حالت دون تحقيق أمنيتي،أسعفني الزمن بعد أن اجتزت الثانوية لأنال مكافأة النجاح، وكان لي ما انتظرت، وافق الوالد.
ففي البداية أكثر ما شدني منظر الطائرة من الداخل، ومن حسن الطالع أنني امتطيت الكرسي الأمامي وبالقرب من الشباك، "ما أجمل أبها من الجو"، وصلت الرياض وامتطيت صهوة خيالي ممزجاً بالواقع، تجولت وتجولت ولم أرى من الحضارة التي قرأت عنها وفهمتها سوى غابات الاسمنت من حولي.
أكملت مرحلة البكالوريوس بمعدل تراكمي يؤهلني لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي،أحد الزملاء المتحمسين للدراسة في أميركا يقول أميركا بلد الحضارة، دهشت، ولم أنطق ببنت شفه،ليتني معك.
شرعت في مطالعة الصحف ومنتديات النت عن الابتعاث،ما هو؟ وكيف لي أن أحصل عليه؟قدمت أوراقي وقبلت فوراً , لم أتصور إني ابتعد عن وطني, ازددت حماسة لرؤية حضارة الغرب , وبعد فترة من الزمن تحدد موعد سفري إلى نيوزلاندا،للحصول درجة الماجستير، وصلت مطار"كرايست شيرش" وكان في استقبالي احد زملائي ومعه ابو الأسرة التي سأسكن معهم لكي استفيد منهم لغة . ومرت الأيام وأنا اندهش من تصرفاتهم.
تجولت في شوارع مدينتي كرايست شيرش والتقيت مثقفون كُثر وأساتذة جامعات وأناس بسطاء ومن عامة الناس وبعد شهر واحد وجدت تصرفات غريبة في تربية أولادهم . فليس هناك احترام للأب ولا للام،ماذا سيكون ردك لو قال لك احد أولادك اسكت لا تتكلم أنت؟ وليس عندهم حلال أو حرام،حرية مقيته، غير منضبطة
ماذا ستعمل،لو علمت أنهم في المدارس يدرسونهم، كيفية الاتصال الجنسي مع الغير؟!.
شعرت عندها بأننا أمة حماها الله بدينها حين تتمسك به وعادت بي الأيام لأتذكر تلك الأيام الخوالي التي عشتها في قريتي الصغيرة لما فيها من احترام للدين واحترام للنفس واحترام للمشاعر وتمنيت أنني بقيت فيها ولم اذهب إلى أي مكان وابقي إنسان بسيط بدون حضارة.
أسال الله العلي العظيم إن يثبتنا على الإسلام وينصر ديننا.