
القضاء عند عمر بن الخطاب
إذا كان الدستور القضائي في الإسلام ينبع من الكتاب والسنة وإجتهاد القاضي في نطاق علمه وعدله ووجدانه ، فإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يثبت هذا الدستور بالتوجيه الحسن وشرح فلسفة القضاء ومفهومه وحدوده برسالته إلى أبي موسى الأشعري التي يقول فيها :
"بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبدالله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عبدالله بن قيس ( أبي موسى الأشعري ) سلام عليك أما بعد :
فإن القضاء فريضة محكمة وسنّة متّبعة ، فافهم إذّا أدلي إليك ، فإنه لا ينفع تكلّمٌ بحق لا نفاذ له . آسِ بين الناس بوجهك ، وعدلك ، ومجلسك حتى لا يطمع شريف في حيفك ، ولا ييأس ضعيف من عدلك . البيّنةُ على مَن ادّعى واليمين على مَن أنكر ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا . لا يمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعتَ فيه عقلك وهّديتَ فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق ، فإن الحق قديم ، ومراجعة الحق خيرٌ من التمادي في الباطل .
الفهمَ الفهمَ فيما تَلَجْلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنّة ، ثم اعرف الأشباه والأمثال فقسْ الأمور عند ذلك ، واعمد إلى أقربها إلى الله ، وأشبهها بالحق ، واجعل لمن ادّعى حقا غائبا أو بينة ، أمدا ينتهي إليه ، فإن أحضر بيّنته أخذتَ له بحقّه ، وإلاّ استحللتَ عليه القضيّة ، فإنه أنفى للشك وأجلى للعمى . المسلمون عدول بعضهم على بعض إلاّ مجلودا في حدٍّ ، ومجرّبا عليه شهادة زور ، أو ظنينا في ولاء أو نسب ، فإن الله تولى منكم السرائر ، ودرأ بالبينات والأيمان . وإياك والغلق والضجر والتأذي بالخصوم والتنكّر عند الخصومات ، فإن الحق في مواطن الحق ليُعْظِمُ اللهُ به الأجرَ ويحسن به الذخرَ . فمَن صحّت نيّته وأقبل على نفسه كفاه اللهُ مابينه وبين الناس ، ومَن تخلّق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شَانَهُ الله ، فما ظنك بثواب غير الله عزّ وجلّ في عاجل رزقه وخزائن رحمته ، والسلام "
آمل التمعّن في المعاني العظيمة لهذه الرسالة الدستورية ، وارجو الله تعالى أن يمنحكم المتعةَ والفائدة .
صابر الأديب في 10/8/1428 هجرية .
__________________
[poem font="Arial,4,white,bold,normal" bkcolor="firebrick" bkimage="" border="none,1," type=2 line=0 align=center use=sp]أُحٍـبُّ مـن الإخـوانٍ كـلَّ مُـواَتـي=وكلَّ غضيضٍ الطرفٍ عن عثَراتي
يـوافقُنـي فـي كــلٍّ أمـرِِِِِ أُرٍيـده=ويـحـفـظـني حيّـاً وبـعـد مـماتي
فـمَـن لـي بهذا ؟ليت أَني أصبتـُهُ= َـقَـاسـمتُـه مـا لـي مـن الحـسنـات
تصفّحـتُ إخوانــي فـكـان أقلُّـهـُـم=علـى كثـرةٍ الإخــوان أهـلُ ثٍقَـاتـي[/poem]