
ويبقى التغيير الحقيقة الثابتة
بسم الله الرحمن الرحيم
التغيير ببساطه هو الانتقال من وضع إلى وضع آخر ربما يكون أفضل ، أكثر تطوراً وأعلا أداءاً وأكثر تنظيماً وانفتاحاً للوصول إلى الغايات واستيعاب ما يجري من متغيرات . وتتم عملية التغيير بناءاً على نظام معروف ونظريات ومفاهيم إدارية محددة يطلق عليها علماء الإدارة "إدارة التغيير" التي أصبحت فرعاً من فروع علم الإدارة الحديثة . وأنا هنا لن أتحدث عن التغيير من الناحية النظرية الإدارية ، ولكن سوف أتناول التغيير كضرورة ملحة في جميع مجالات الحياة وحقيقة مقاومته والوقوف في وجهه .
ويعتبر التغيير من الحقائق الحتمية التي لا يستطيع أحد أن ينكر وجودها وأهميتها وخصوصاً في زمننا هذا الذي بلغ فيه التطور والتقدم في مجال تقنية المعلومات والاتصالات مراحل متقدمة جداً . ولو تأملنا السرعة التي تسير بها عجلة التنمية والتطور في عالمنا اليوم لأصبنا بالذهول مما قد يحدث خلال العقدين القادمين من تطورات مذهلة في جميع المجالات لدرجة أنه لا يمكن أن نستطيع أن نتنبأ بحجمها ومدى تأثيرها على حياة البشر ،
وحيث أن الإنسان هو محور هذه التطورات وسبب وجودها فإنه يجب أن يكون قادراً على تقبل التغيير لمواكبة هذه التطورات المتسارعة والتجاوب معها وملاحقتها والاستفادة منها وتسخيرها لخدمة أهدافه على المستوى الفردي والمستوى الاجتماعي .
ويختلف الناس في التعاطي مع ما يستجد من تطورات في حياتهم وأحداث تدور من حولهم ، فمنهم من يتفهم حتمية التغيير ويرى أنه لا بد من خوض غماره سواءاً شئنا أم أبينا . هذا النوع من الناس يرى أن مواكبة هذا التغيير والاستفادة منه هي الحل الوحيد لأن نصبح مجتمعات ناضجة تقدر الفرص وتستفيد منها في التنمية والتقدم وبناء الأساس المتين للأجيال القادمة لمواصلة المسيرة ومجاراة المجتمعات الأخرى التي سبقتنا بمراحل كبيرة . مثل هؤلاء الناس يتمتعون بعقليات واقعية مرنة تستوعب كل جديد ، وترى أن في كل ما يحدث فرصة ثمينة يمكن استغلالها وتحويلها إلى خطط عملية تقود إلى النجاح والتقدم .
ولكن في المقابل ، هنالك من يعجز عن فهم أبعاد ما يحدث من تغييرات ويرى فيها شراً مستطيراً ويعتقد أن ما يحدث من تغيير هو من علامات نهاية العالم واقتراب القيامة ، لأنه غير قادر على استيعاب ما يحدث نظراً للعديد من العوامل النفسية والاجتماعية والفكرية . هذا النوع من الناس يعتبر من العوائق الرئيسية للتغيير لأنه يحاول مقاومته والوقوف في وجهه والسعي لإفشال كل المحاولات الجادة لتحقيقه .
وتعتبر مقاومة التغيير من المبادئ الأساسية التي يراعيها قادة التغيير نظراً لطبيعة النفس البشرية التي تقاوم كل جديد وتخاف من الدخول إلى مواقع غير معروفة لها ، فالناس أعداء ما يجهلون كما يقال . والجهل بفوائد التغيير قد يكون من أهم الأسباب التي تدفع الناس لمقاومته .
لذلك يجب أن تكون أهدف التغيير والفوائد المتوقعة منه واضحة للجميع سواءاً على مستوى الفرد أو المجتمع لتحقيق التغيير المطلوب ، وإحداث النقلة المطلوبة إلى الأمام بأقل قدر ممكن من المقاومة .
ويخبرنا الدكتور / سعد السبتي أن أي عملية تغيير ناجحة تتطلب توفر عوامل عدة من بينها ما يلي:
@ توعية كافة المستويات ... بفائدة وهدف التغيير.
@ إعطاء وقت كاف لاستيعاب عملية التغيير.
@ لا بد أن تتماشى ... (الثقافة) مع عملية التغيير ونتائجها وأهدافها.
@ أن تُربط عملية التغيير بنتائج ومكاسب واضحة ومحددة (للأفراد والجماعات)
أو بما يسمى what's in it for me
لذا نجد أن تجارب التغيير الناجحة ربطت عملية التغيير بنتائج وأهداف اقتصادية ...، وبالتالي (للناس) مما يوجد حافزاً ودافعاً قوياً ... لتقبل وإنجاح عملية التغيير .
ويبقى التغيير الحقيقة الثابتة الوحيدة ...