
أنساب القبائل:لا افراط ولا تفريط
أنساب القبائل
إن الوصول للحقيقة في معرفة الأنساب ، وخاصة بعد أن تحالفت كثير من القبائل منذ العهد الجاهلي وحتى وقت قريب بسبب أو بآخر ، وانقسام كثير من أفخاذ وبطون هذه القبائل ودخوله في القبائل الأخرى ، إضافة إلى فترة التحضر الحالية وما توارده الناس من معلومات والتي بني أساسا على المفاخرات وشيء من التعصب ، ساهم في خلق بعض الصعوبات لإثبات نسب بعض هذه الفروع إلى درجة أن البعض منهم هو أول من يساعد في ضياع هذه الأنساب ، إما لجهل منه ، وإما لغرض ما بنفس يعقوب .
وقد حارب الإسلام مند بدايته العصبية القبلية ونهى عنها ، كما حض في نفس الوقت على صلة الرحم والتواصل ، وجعل من جميع المسلمين أخوة في الدين ، وأن أفضلهم عند الله أتقاهم وليس أنبلهم , يقول جل وعلا ( إنما المؤمنون أخوة ) وقال تعالى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله اتقاكم )
بيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يلغ مراتب الشرف القبليه إلغاء تاما ، وإنما جعلها منوطة بحسن الإيمان وقوة العقيدة ، فحين سأله قوم عن أكرم العرب ، كان جوابه صلى الله عليه وسلم : خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحبوا العرب لثلاث : لأنني عربي ، والقرآن عربي ، وكلام أهل الجنة عربي .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : { تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، فإن صلة الرحم محبةٌ في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأجل ، مرضاة للرب} .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :{ تعلموا أنسابكم تعرفوا بها أصولكم ، فتصلوا بها أرحامكم } .
وقيل : لو لم يكن لكم من معرفة الأنساب إلا اعتزازها من صولة الأعداء ، وتنازع الأكفاء لكان تعلمها من أحزم الرأي ، وأفضل الثواب ، ألا ترى إلى قول قوم شعيب عليه السلام ، حيث قالوا : { ولولا رهطك لرجمناك } فأبقوا عليه لرهطه .
ومن كلام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : { أكرم عشيرتك فإنهم جناحك الذي به تطير ، فإنك بهم تصول ، وبهم تطول ، وهم العدة عند الشدة ، أكرم كريمهم ، وعد سقيمهم ، وأشركهم في أمورك ، ويسر عن معسرهم } .
وكان يقال إذا كان لك قريب فلم تمش إليه برجلك ، ولم تعطه من مالك فقد قطعته . ويقال : حق الأقارب إعظام الأصغر للأكبر ، وحنو الأكبر على الأصغر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { حق كبير الأخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده } .
ويحث عمر رضي الله عنه المسلمين على تعلم الأنساب لما له من أثر في صلة الأرحام وزيادة المحبة فيقول : " تعلموا أنسابكم تصلوا بها أرحامكم ، ولا تكونوا كنبط السواد إذا سئل أحدكم من أنت ؟ قال من قرية كذا ، فوالله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء لو يعلم الذي بينه وبينه من دخله – يعني باطن الآمر – الرحم لردعه ذلك عن انتهاكه .
فالأنساب إنما هي أمانة ، ونتيجتها المرجوة ، هي صلة الرحم والتواصل وهو ما دعا إليه ديننا الحنيف ، دين السماحة والحب والإخاء . فلا أحد يدعي نسبا ليس له به صله ، ولا ينكر أصلا ليس له عنه غنى ، فالأصل يعني الأب والجد ومن يلتقي به فيهما ، وهو ما يوصل به الرحم ، فنحن إن شاء الله مؤتمنون على أنسابنا .