من حداء الخيل عند آل سعد الجحادر ( صبيان الملاحيق )


يسرني ان اطرح بين أيديكم هذا الموضوع وهو عبارة عن اجتهاد شخصي ذكرت فيه بعض من "حداء الخيل عند فرسان قبائل آل سعد" .


لنبدأ – من باب الفائدة – بالتعرف على الحداء "حداء الخيل":

حداء الخيل عبارة عن أبيات قليلة على بحر "الرجز" يرتجزها الفارس وهو على صهوة جواده، في المعارك والمناسبات الحربية والعرضات الحماسية، وتتميز أبياته بانها تؤجج الحماسة والنخوة في ضمائر وقلوب المقاتلين، وتحثهم على الاستبسال في المعركة..


جاء في كتاب حداء الخيل للدكتور سعد الصويان:

أنها الأهازيج التي يهزج بها الفرسان على صهوات جيادهم وهم في طريقهم إلى الغزو أو بعد عودتهم منتصرين، ويقصد به إدخال الرعب إلى قلوب الأعداء أو بث الحماس في نفوس المحاربين وتحريضهم على الإقدام والاستبسال، ويتضمن في الغالب تخليداً للمآثر البطولية التي يحققها فرسان القبيلة في ميدان الوغى كما أنها قلما تخلو من الوعيد والتهديد، وقد تصدر عن فرسان لا يحترفون الشعر، وعادة تأتي على شكل مقطوعات قصيرة لا تتعدى الواحدة منها البيتين أو الثلاثة ونادرا ما تصل إلى أربعة أبيات.
وقال ابن خميس:
أن الحداء خاص بصهوات الجياد ولا يكون إلا في الفخر والحماسة وحيث الكر والفر.
أما فهد المارك فيقول:
أن للحداء موسيقى تبعث النشوة في الأعماق في نفوس من يتذوقون معانيها كما أنها مثيرة للشعور ومهيجة للعواطف خاصة اذا لحنها الفرسان وهم يمتطون صهوات خيولهم وكل ما كان للشاعر مكانة اجتماعية مرموقة وذيوع صيت في عالم البطولة والفروسية كان لحداءه وقع أكثر في نفوس الفرسان.


ـــــــــــــــــــــــــــــ

وفيمايلي نماذج من حداء الخيل عند فرسان آل سعد:



قال الشيخ الفارس جمل بن لبدة امير قبائل آل سعد:


تركـي خيّـال طيّـب = ويــدورنـــــي وأدوره


يمهل علينا واركب = فوق الصفرا المذكورة


والله لروي سيفي = واقحم شبا المسمورة



وهي ردا على الشيخ الفارس تركي بن حميد عندما قال:


يا واصلينٍ جمـل = لايركب المثبوره


حاذور يوم القرنه = يوم تحومٍ طيوره





*****



وقال الشيخ الفارس جمل بن لبدة متحديا ابن رشيد والدويش وابن هذال وابن حميد وابن ربيعان والفرم:


ترعين ياشقح المريخي = مابين علوى والخيام


إرعي بصبيان الجحادر = والصلح ماجا له كلام


ومناسبتها: ان مطير انقسمت على نفسها ووقع حرب بين جذميها: (علوى) بزعامة الحميدي بن فيصل بن وطبان الدويش ، و(بريه) بزعامة مناحي المريخي وابن بصبص وذلك عام 1268هـ
وكانت الغلبة لقبيلة علوى ، فبطش الدويش ، وأصر على مواصلة حرب بريه عندما رفضت شرطه وهو الحصول على ابل الشيخ مناحي المريخي "شقح المريخي" وهي ابل مشهورة ومن أطيب الابل.
عند ذلك لجأت قبيلة بريه إلى شيخ قحطان/ محمد بن هادي بن قرملة مستجيرة به وبالجحادر من الدويش وعلوى..
فلما علم الدويش ان الجحادر أجارت بريه استنجد بالامير طلال العبدالله الرشيد ، فأقبل معه نحو قحطان ، ثم قام الدويش يمشي بين العربان ويطمعهم في من أمامهم ، فألتحق بهم ابن هذال ومن معه من عنزة ، والفرم ومن معه من حرب ، وعتيبة بقيادة تركي بن حميد، ومسلط بن ربيعان.
اجتمعت تلك القبائل الكبرى، وكان ابن رشيد اشترط ان تكون له القيادة ونصف الشقح (ابل المريخي) فوافق الدويش، ثم سارت تلك الجموع الهائلة بقيادة ابن رشيد حتى اناخت بالقرب من الجحادر وهم نازلين " القرينات" في تخوم الدوادمي ، وارسل ابن رشيد مرسوله للشيخ محمد بن هادي يخبره بأنه لغرض الحصول على شقح المريخي سلماً او حرباً، فقام ابن هادي وطلب حضور شيوخ الجحادر ليستشيرهم في الأمر..
فما كان من الشيخ الفارس جمل ابن لبده إلا ان امتطي صهوة جواده، وأخذ يسوق الابل "شقح المريخي" أمامه حتى مر بها مابين خيام علوى والدويش وخيام ابن رشيد وهو يحداء على ظهر جواده متحدياً الجميع، في اشارة انه لامساومة على من استجار بصبيان الجحادر

ترعين ياشقح المريخي = مابين علوى والخيـام
ارعي بصبيان الجحادر = والصلح ما جاله كلام

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد من قبل الفارس الصنديد جمل ابن لبده.. بل اقترب منهم ثم طلب من الشيخ الفارس تركي بن حميد ان يخرج للمبارزة ، إلا ان ابن حميد لم يخرج لمبارزة جمل نجد معللاً ذلك بقوله (( لاناقة لي ولا جمل في هذا المناخ.. انا جئت فقط من أجل الصلح بين الاطراف))

هنا أدرك ابن رشيد وغيره من القادة العقلاء خطورة الوضع وقدروا الموقف والنتائج ففضلوا الانسحاب وعدم المواجهة والدخول في حرب مع الجحادر من أجل ابل المريخي.
هذه الحادثة ذكرها المؤرخ العلامة ابن عيسى في تاريخه باختصار



*****




قال الشيخ الفارس/ جمل بن لبده أمام الامام فيصل بن تركي:

والله يا لولا فيصل = وامر الامام مطاع


إن قد نشد وننزل = بين الحسا وانطاع

مناسبتها: انه كان هناك حرب بين الهواجر والعجمان ، ثم أنضمت قبيلة آل مرة بجانب العجمان ضد الهواجر ، فاستنجد شيخ الهواجر/ ابن شافي بقحطان، فبدأ الشيخ محمد بن هادي بن قرملة ومعه الجحادر يعد العدة لنصرة بني هاجر، وكان ابن هادي قد ارسل لابن حثلين زعيم العجمان قصيدة يخبره فيها بأنه قادم إليه بالجحادر، ويتوعده بحرب قادمة تكثر بأسبابها الأرامل والايتام

يا ذالبهم والله ان تباري الجهامه = إلين تنزل بين صفوى والاوجام
لابد من يوم يثور كتامه = لما ألتحم جمع الجحادر معَ يام
ا
لى ان قال

فان كان عندك للمسيّر كرامة = فأعلم ترا حنا مشافيق وحيام
لكرامة ترث عليكم ندامة = تصبح ذراريكم مراميل وايتام


فلما تأكد لدى الشيخ راكان بن حثلين ان ابن هادي عقد النية على القدوم إليه ، ذهب إلى الامام فيصل بن تركي وطلب منه التدخل للصلح وايقاف زحف الجحادر على العجمان ، فاشترط الامام على ابن حثلين ان يصالح الهواجر اولا ، وهذا ماحصل بالفعل ، وبعد اتمام الصلح على يد الامام فيصل بن تركي وأثناء حضور شيوخ وفرسان قحطان والعجمان ، أمر الامام ببدء استعراض الفرسان من القبيلتين واحدا تلو الآخر - كما هو متبع في ذلك الوقت- فكان كل فارس يمر مستعرضا امام الجميع وهو على ظهر جواده ولكن بدون سلاح، فمنهم من يعتزي بعزوته ويزيد عليها بعبارة توضح فعله الذي يفاخر به، ومنهم من يحداء بأبيات لنفس الغرض..الخ


المهم ان الشيخ الفارس/ جمل بن لبده مر وهو يحداء قائلا:

والله يا لولا فيصل = وامر الامام مطاع
إن قد نشد وننزل = بين الحسا وانطاع


فرد عليه في لحظتها الشيخ الفارس راكان بن حثلين قائلا :

تراه يكذب يافيصل = ماهو لكم مطواع
نتّـاف لحية مرشد = والشيخ الاخر ضاع




*****




وقال الشيخ الفارس جمل بن لبده مخبرا ومتحدياً الشيخ باحص شيخ السودة سبيع بأنه استطاع ان يورد ابله على (ماء ورشة) احد موارد سبيع ، ومثل هذا التحدي هو لغة الفرسان لابراز القوة والشجاعة بدون الانتقاص من شأن الطرف الآخر


يامن يخبّر باحص = ترى (ورشة) ماروده
يلقا جمـل والصفرا = في مقدم الـمجـــرودة


فرد عليه الشيخ باحص شيخ السودة سبيع قائلا:

ورشة بير الدواسر = ماهي لنا معدود
(؟؟؟؟؟؟) = ماهيب بورث جدوده

من المعلوم ان "ورشة" لسبيع وليس للدواسر، ولكن لسبب ما فإن الشيخ باحص اعتبرها للدواسر وبالتالي فهي ليست تحته حمايته أنذاك.



*****




قال الشيخ الفارس جمل بن لبده عند بدء معركة بينه وبين عتيبة:

يا شاري العمر الرخيص = ياهل العمار الغاليــــة



****




قال الشيخ الفارس قنيفذ بن لبده بعدما انتصروا ال سعد على عتيبه في معركة صميغان:

انا بالله ثم عادات ربعي = عادات ربعي تحتمي الذيداني



*****



وقال الفارس ابن هتلان ال عجلان ال سعد مفتخرا بفعل الشيخ الفارس علي بن شديد (شيخ ال مخثله) ال سعد عندما لحق القوم (ال شامر العجمان وال مرة) وكسر قائدهم الشيخ الفارس جويعد الهواوي (مجفي الحيضان) ثم رد الابل والقوم (منعى) حيث سلموا له سلاحهم بعدما اعطاهم الامان ومنعهم من آل سعد

شيخنا(ابن شديد) مقدم جـرود = شيخ لاجا الحرب ماحب الصلاح
شيخنا (علي) وحنا لـه جنـود = فارس الفرسان في يوم الصباح
مضرم الهيجا شجـاع مايحـود = لاغزا القيمان يجعلهـم بيـاح
وان عطى الميثاق ماخان العهود = لو تخالف بالوغا شلف الرماح




*****




وقال فارس من آل سعد (لا اعرف اسمه)


لي لابة دعوا سعد = اهل الفعول البيّـنة
إلى ألتقينا في الوعد = نقضي من المتدينة
لعيون ضافية الجعد = مانرتضي بالهينة



*****



هذا مااستطعت جمعه من حداء الخيل عند آل سعد ، وارجو المعذرة ان حصل تقصير.
ومن لديه اضافة او يحفظ غير ماذكر من الحداء فليتفضل باضافته مشكوراً.
ملاحظة هامة: يوجد تشابه وتقارب بين هذا النوع (حداء الخيل) وغيره من بحور الشعر العامي ، وبالذات " الهجيني"
فيجب معرفة حداء الخيل وتمييزه عن غيره.


كااتب الموضوع: ابن شديد ال مخثله