
الديموقراطية التي تريدها امريكا...( 2 )
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إستراتيجية أمريكية جديدة في العالم الإسلامي : ـ
لاشك أن الخطط الأمريكية تجاه العالم الإسلامي " الذي تدعوه الشرق الأوسط ، عندما تريد تخصيص الدول العربية وبعض
الدول الأخرى في محيطها " تعددت وتنوعت على مر السنين لتتلاءم مع التغيرات التي تطرأ على المنطقة بين الحين
والآخر ، لكنها في جميع الأحوال والظروف حافظت على عاملين أثنين أساسيين اعتبرتها
ثوابت في جميع هذه الاستراتيجيات ، وخطاً أحمر يمس الأمن القومي الأمريكي :ـ
العامل الأول :ـ
هو حماية أمن الدولة الصهيونية ودعمها بأي ثمن .
العامل الثاني : ـ
هو تأمين النفط والمصالح الإستراتيجية الأمريكية الأخرى .
وعلى العموم فإن الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة يمكن تلمس معالمها من خلال الأدوار التي لعبتها أمريكا
في أفغانستان والعراق ، ومن خلال الأدوار التي تلعبها مؤخراً بمساعدة أوروبا في عدد من الملفات سواء في سوريا
أو لبنان أو فلسطين أو مصر أو الخليج العربي وتركيا ، وهذه الإستراتيجية تقوم على ثلاث ركائز أساسية هي : ــ
أولاً : دعم الأقليات في المنطقة ؛ وفي كثير من الأحيان على حساب الأغلبية .
ثانياً : الحد من نفوذ الدول الكبرى تقليدياً مثل مصر والسعودية وسوريا والعراق ، والحرص على أن لا تمتد دائرة نفوذهم
خارج إطار دولهم سواء سياسياً أو عسكرياً أو حتى اقتصادياً في بعض الأحيان .
ثالثاً : استغلال من تدعوهم أمريكيا بالإسلاميين المعتدلين وذلك لكي تنفذ ما تصبوا إليه تحت شعار الحوار والتقارب
والانفتاح على الآخر.
أولاً : ـ دعم الأقليات على حساب الأغلبية :
إن مسألة التلاعب أو التحكم بورقة الأقليات وحقوق الإنسان معروفة قديماً في العرف السياسي الأمريكي الخارجي ،
وهذا الأسلوب يُظهر الولايات المتحدة بمظهر المدافع عن حقوق البشر وتوجهاتهم في وقت تعاني هي أصلاً فيه من
عنصرية بغيضة تجاه الأقليات سواء العرقية أو القومية .
على العموم فإن الخطة الأمريكية الجديدة تقوم على استعمال ورقة الأقليات لزعزعة استقرار ووحدة الدول القائمة في
الشرق الأوسط ، لاسيما أن لهذه الورقة قوة كبيرة وقد تؤدي إلى مواجهات عنيفة تتفكك على أثرها الدولة إلى
دويلات طائفية وعرقية أو تضعف الدول كثيراً في أحسن الأحوال .
وبطبيعة الحال فإن الدول التي تحويها القائمة الأمريكية في هذا المجال هي الدول الأكثر تنوعاً وامتزاجاً مثل : ـ العراق
، أفغانستان ، السودان ، الجزائر ، لبنان ، وذلك من اجل إعادة صياغة الواقع العرقي والطائفي والقومي وفق تركيبة
تناسب المخططات المرسومة .
أهداف هذه السياسة المشبوهة : ـ
1 ) أضاف الدول المستهدفة التي لديها حساسية كبيرة بطبيعة الحال تجاه التدخلات الخارجية في شؤونها ، وهو ما
يستسهل عملية الاختراق الأمريكية للدول التي تأبى الانصياع لما تريده أو التي ترفض التغير بحسب الوصفة المقدمة
على الطريقة الأمريكية .
2 ) ضمان عدم التحام هذه الأقليات والطوائف والأعراق ، وضمان عدم ذوبانها أو على الأقل انسجامها مع الأغلبية في
أي بلد من بلدان الشرق الأوسط في أي إطار جامع على الشكل الذي كانت فيه منذ قرون لضمان أنها ستكون بحاجة
إلى مساعدة خارجية ، وكل ذلك من أجل أن تبقى هذه الأقليات برميل بارود يمكن تفجيره في الوقت الذي تراه القوى
الغربية مناسباً .
ومن ثم أمريكا ستكون جاهزة للتدخل في أي مكان وزمان تراه مناسباً في أي بلد من هذه البلدان إذا رأت أن ذلك
لمصلحتها ، وبحجة الحماية بطبيعة وإن لم يكن ذلك في مصلحتها فلاهي ترى ولا تسمع ولا تتكلم .
3 ) إن الهدف أيضاً من ورقة الأقليات هو تبرير وجود دولة العدو الصهيوني ، وتوسيع رقعة المشكلات والنزاعات
الإقليمية الداخلية القومية والعرقية لإشغال العالم العربي والإسلامي وشعوب هذه الدول بالمشكلات الداخلية المستخدمة
لديهم والمخاطر التي تتهدد بلدانهم المعرضة آنذاك للتفتيت والتقسيم حتى تصبح القضية الفلسطينية في آخر اهتمامات
الشارع الإسلامي والدول الإسلامية هذا إن تذكرها بعد ذلك أحد ، ومن ثم تنعم الدولة الصهيونية بما هي فيه .
4 ) الهدف أيضاً هو إفساح المجال أمام إسرائيل للدخول والتغلغل في هذه الدول عبر الأقليات سواء القومية أو الطائفية
أو العرقية ، ولنا في أكراد العراق وشيعته مثال على ذلك ، وأيضاً كما حدث في جنوب السودان .
ثانياً : الحد من نفوذ الدول الكبرى تقليدياً في المنطقة : ــ
ترتكز الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة في شقها الثاني على تقسيم الدول الكبرى تقليدياً في المنطقة مثل : ــ
ــ السعودية : ـ التي من المفترض أن تشمل دائرة نفوذها الإقليمية على الأقل دول الخليج
العربي وذلك لاعتبارات اقتصادية وسكانية وجغرافية وعسكرية .
ــ مصر : ـ التي من المفترض أن تشمل دائرة نفوذها أو دائرة تأثيرها أيضاً منطقة شمالي
أفريقيا والسودان وفلسطين على الأقل وذلك لأسباب سكانية ، اقتصادية ، تاريخية .
ــ سوريا والعراق : ـ حيث تمتد دائرة نفوذ الدولتين إلى الدول المجاورة لهما ؛ سواء لبنان
وفلسطين بالنسبة إلى سوريا ، أو الأردن والخليج بالنسبة للعراق .
وتلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية قد لجأت إلى هذه الخطة في تحجيم نفوذ الدول الكبرى ، نظراً للتعقيدات الكثيرة
والتشابكات الكبيرة التي تتركها دائرة نفوذ مثل هذه الدول الكبرى على الدول الأخرى ، مما من شأنه أن يحد من
التدخل الأمريكي ؛ بحيث يصعب على الولايات المتحدة التدخل في أي موضوع أو ملف لأي دولة تكون لهذه الدول
الكبرى نفوذ فيها .
إذ إن الأمر آنذاك سيتطلب من الولايات المتحدة جهداً مضاعفاً ووقتاً مضاعفاً وتباحثاً مع جميع الأطراف ، وربما بذل جوائز
ترضية للدول الكبرى وربما قد تخفق في النهاية في الوصول إلى هدفها أو قد تصل إلية بصعوبة .
أهداف هذه السياسة : ـ
1 ) يسهل ذلك على الولايات المتحدة مهمة التدخل شؤون أي دولة دون تعقيدات تذكر ، حيث تصبح العلاقة مباشرة
وفردية بين الولايات المتحدة والدول الأخرى . وبطبيعة الحال فإن الدول الأخرى في غالبها دول صغيرة وضعيفة ولا
حول ولا قوة لها في وجه الإملااءت الأمريكية حتى لو أرادت فعلاً رفض ما يملي عليها .
2 ) إن تحديد النفوذ يؤمن الاستفراد بالدول الواحدة تلو الأخرى دون أن يكون لها أي حليف أو نصير ومن ثم فإن الملف
يصبح أسهل والنتائج أضمن والإملاإت والشروط أكبر والتهديدات بالعقوبات والعمليات العسكرية في حال عدم التنفيذ
أجدى .
يتبع الحديث في موضوع آخر ..
__________________
فداك نفسي وابي وامي وقبيلتي والناس اجمعين يارسول الله
" ولو طوى بساط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وُأهمل علمه وعمله لتعطلت الشريعة وإضمحلت الديانة وعمت الغفلة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة وإستشرى الفساد ، وإتسع الخرق وخربت البلاد وهلك العباد ، وحينئذ يحل عذاب الله وإن عذاب الله لشديد ." (الشيخ صالح بن حميد)
"أضع رأسي في آخر اليوم على الوسادة دون أن يكون في قلبي حقد أوغل أو حسد أو ضغينة ضد أحد من المسلمين مهما فعل بي وأدعوا الله لمن أخطأ في حقي بأن يغفر الله له ويسامحه "