
عطية ولد الفلاح الجزء الثا ني
الجزء الثا ني من رو اية : عطية ولد الفلاح
وصل سالم الى مكة المكرمة يرا فقه ابن عمه عطية , واويا الى الغرفة ة التي يسكنها سالم , وهي غرفه صعيره والى جا نبها حمام ويوجد زا ويه بجانب الحمام يستعملها سالم شبه مطبخ وبها بعض الا دوات البسيطه ابريق شاي وكاسات وبعض الا طباق الى جانب ( دافور ) موقد يعمل بالقاز , اثا ث الغرفة بسيط لا يوجد اسره فقط فرشة ارضبة لا يوجد ثلاجة البديل عنها ( الشربه ) اناء معمول من الفخار وتستعمل لتبريد ماء الشرب , وقبل حلول المسا ء ذهب سالم واشترى فراش كامل لابن عمه عطية , في الصباح استيقض الشا بان واوقد سالم الدا فور ووضع عليه ابريق الشاي وتركه تحت متابعة عطية وذهب لا حضار وجبة الفطور الشعبية في مكة والمكونة من التميس والفول , وعند الثا منة اغلق سالم الغرفة واصطحب معه عطية الى موقع العمل الذي يعمل به سالم , وهو متجر لبيع المواد الغذائية يملكه التا جر القصيمي عبدالرحمن صالح الفايز ( ابو صالح ) وكان سالم قد عمل مع ابي صالح لمدة اربع سنوات , وكان يأ خذ را تبا بسيطا عند البداية قدره عشر ة ريالات , غيران سالم بعد مضي الوقت اتقن العمل وفهم اسلوب البيع والشراء , لذا فقد رفع راتبه الى عشرين ريال , مع وجبة الغداء , وقد اراد سالم من اصطحاب عطية ان يأ خذ فكرة عن اسلوب البيع والسراء ومعا ملة الز بائن , وقد رحب ابو صالح بوجود عطية , فقد لا حظ على مدى الا يام القليلة التي عمل فيها بالمتجر , لا حظ انه نبيه ونشيط الحركة وحسن التصرف , لذا ولان ابا صالح بحاجة الى مزيد من العمالة الجيدة , فقد طلب من سالم با ن يعمل عطية بشكل رسمي وبراتب قدره عشرة ريا لات مع وجبات الطعام خلا ل الدوام , كما طلب من سالم ان يدربه على كل الا مور المتعلقة بالمتجر ,وبعد مضي سنة على عمل عطية في المتجر وحين شعر ابو صالح بأ ن عطية قد اصبح با ئعا محترفا فقد قرر ابو صالح ان يفتح فرعا جديدا ويكون سالم مديرا له , وبقي ابو صالح يدير المتجر الر ئيسي وبقي معه عطية ليزداد خبرة وممارسة , وكان من عا دة سالم ان يأ خذ عطية عند أ ذا ن العشاء الى الحرم ليصليا هناك وبعد الصلا ة يجلسان نحو ساعة ليستمعا إلى حلقات الذكر ثم يعودان إلى غر فتهما ’ كان سالم قد أ لف الا قا مة في مكة ولا يفكر في القرية الا قليلا , أ ما عطية فأ نه حديث عهد با لا قا مة في مكة ,ومع اعجابه وانبهاره في مكة وخاصة رؤيته للحرم , الا ا نه عند ما يأ وي الى فرا شه فأ ن هاجس القرية وامه وابيه وكذلك الحياة الفطرية البسيطة , كل ذلك لم يغادر مخيلته , وفي احدى الليالي وفبل ان ينام تحدث مع سالم عن بعض ما يفكر به ويشغل باله وقال : كنت في القرية اتمنى ان املك عشرة ريالات , والآ ن عندي اكثر من عشرة بل اكثر من خمسين ,و انا ودي ارسل الى اهلي كل الفلوس اللي عندي لا جل يفرحون ويعرفون اني اشتغلت وكسبت , قال سالم : الحمد لله انك قد نلت ما تمنيت بل اكثر , أما رأ يي فهو ان ترسل لهم عشرين او ثلاثين وتخلي البقية امانة عند العم ابو صالح , قال عطية طيب كيف نرسل الفلوس ؟ ورد عليه سالم الا مر بسيط نروح لموقف السيارات اللي تروح الى قريتنا ونشو ف الرجال الذي نعرفه ونثق فيه ونر سلها معه , وتم وصول المبلغ عشرين ريال الى والديه ومعها رساله بسيطة من عطية , وكانت فرحة والديه لا تقدر ليس بالفلوس وانما بنجاح ابنهما وتحصيله وايضا سلامته ,
كان ابو صالح رجلا تقيا وكريما وصا حب اخلا ق عالية , ومن سماته تلك انه فكر ان يطور مستوى الشا بين الذين يخدمانه با مانة واخلا ص فقد قرر ان يعين لهما معلما يد رسهما على الا قل منهج الشهادة الا بتدائية وفكر ايضا ان تكون الدراسة في وقت لا يؤثر على العمل , لذا رأ ى ان تكون الدراسة في المساء وبعد اغلاق المتاجر أي عند أ ذان العشاء وان يكون الحرم مكا نا للدراسة , ونشط الشا بان واقبلا على الدراسة بجد واجتهاد ,وبعد ستة شهور تقدما للا ختبار ووفقا بالنجاح وقد ارتاح ابو صالح لذلك ورأ ى ان في ذلك كفاية , لان معلوماتهم التي حصلا عليها ستمكنهما من القيام بالا عمال الكتابية والحسابية , وقد اقتنع سالم بذلك اما عطية فكان له رأ ي آ خر فقد طلب من ابي صالح أ ن يأ ذن له بمواصلة الدراسة ولم يخيب ابو صالح رجاءه ,
امضى عطية ثلاث سنين في العمل واصبح با ئعا محترفا , ونتيجة لذلك زاد ابو صالح راتبه الى خمسة وعشرين ,مما جعل عطية يشعر بأ نه قد نجح في عمله وكسب ثقة صا حب عمله ابو صالح , وانه قد تكون لديه حصيلة ما دية لا بأ س بها , وهنا تذكر أبويه واشتاق لرؤ يتهما ورؤية قريته , وفكر ان يطلب من ابي صالح اجازة لزيارة اهله , ولكنه كان محرجا فليس هناك من يقوم مقامه , لكن ابا صالح حل مشكلته وجاء بأ حد عمال المستودع ليحل محل عطية ومنحه إجازة لمدة ثلاثة أسابيع , كما زوده ببعض العطا يا لا سرته ,
وصل عطية الى اهله , وكان منظره ملفت لا هل القرية فقد نمى وكبر وكان لباسه مثار اعجاب من اهل القرية , اما اهله فقد بلغت بهم الفرحة قدرا لا حدود له , واقامو له ظيافة حضرها معظم اهل القرية , وبعد الا ستقبال والظيافة جلس عطية مع والديه وراح يحدثهم وقال , يا والدي ويا والدتي لقد ذهبت مع ولد عمي والحقيقة اني كنت خايف بعض الشيئ
لكن ولد عمي ( بيض الله وجهه ) خلا ني اطمئن وار تاح من يوم دخلنا مكة , فقد نزلني معه في مسكنه وشرا لي فراش وإلا كل ما قصر فيه , ومن حرصه علي شغلني معه في المتجر الذي يشتعل فيه , وكان راعي المتجر ( ابو صالح ) رجال طيب وصاحب دين وكرم , لا نه خلا ني اشتغل واتعلم البيع والشراء مع ولد عمي سالم , وبعد شهر اعطاني ابو صالح راتب كل شهر عشرة ريا لا ت وهي اللي كنت أتمناها حين كنت طفلا , وكان أبو صالح ما يقصر معنا في الطعام فطور وغدا وشاهي وكنا نشتغل من الصباح حتى أذان العشا , بعده أروح أنا وسالم للحرم نصلي العشا ونقعد حوالي ساعة نستمع الى بعض المتحدثين ثم نذهب إلى غرفتنا , وبعد ستة شهور وبعد ما شاف ابو صالح شغلي واجتهادي رفع راتبي الى خمسة عشر . وبعد ستة شهور صار راتبي عشرين ريال , وكان ابو صالح يحفظ رواتبي عنده حتى لا تضيع او اشتري بها اشياء لا تنفع , هكذا كان يقول , وكان معه حق , والدي والدتي هذا كل ماصار مدة غيابي عنكم ,والحمد لله على توفيقه وهذا بفضل الله ثم دعاءكما يا والداي , والا ن اسمعوا مني حديث آ خر , انا كنت في الماضي اعتبر دير تنا احسن الديار , لكن بعد ما وصلت مكة وشفت ما فيها من فوايد ومصالح وطيب معيشة وايضا زيا دة المعرفة والقرب من الحرم اللي يجون له المسلمين من كل صوب , بعد كل هذا تغير رأ يي وفكرت ان وجودكم في القرية مالكم فيه فايدة , انتم تتعبون وتكدون ويا الله تحصلون على قوتكم , لذا فأ نا اعرض عليكم الا نتقال معي الى مكة , فأ نا قادر على الا نفاق عليكم , كما ان والدي سيجد له عمل عند ابي صالح , فما هو رأ يكما , وقد ظهر رد الفعل السريع على والدة عطية وقالت : لا لا ياعطية بيتنا ونخلنا وديرتنا واربوعنا لا ما نقدر يا عطية نروح , وتكلم عبد الله والد عطية وقال : كلامك يا عطية معقول وصحيح اننا نتعب والحصيل قليل , لكن ياولدي النخل عندي غالي وكنه عيالي فقد أمضيت عمري في غرسه وتربيته , فكيف تبينا انخليه ؟ قال عطية ياوالدي انا لاالومكم على مشا عركم وحبكم لنخلكم , ولكن انا عتدي راي البيع اكيد لا توا فقون عليه , وانما فيه طريقة أخرى نعرض النخل للا يجار , يجي واحد يسوقه ويعطينا نصيبنا من الثمرة كل سنه , وبذلك نظمن بقاء النخل وعدم التخلي عنه , وانتم يا وا لداي لا شك انكم تحبون ان تكونوا قريبين من الحرم الذي يتمنى كل مسلم القرب منه , كما تحبون ان تعيشوا عيشة رخية , وان تكونوا معي وأنا معكم , وسكتت أم عطية ولم تجد ما تقوله , وخاصة عند ما ذكر عطية الحرم والقرب منه , فقد اخذ تها العاطفة الدينية وداخلها الخشوع وانسا ها البيت والنخل والقرية وأهلها , أما أبو عطية فقد تفهم اقوال ابنه وبدأ يفكر بجدية في ما قاله , وخاطب ولده وقال : يا عطية ما قلته صحيح وخاصة تأ جير النخل وان الا نتقال الى المدينة فيه مصالح وايضا القرب من الحرم , لذا ياولدي فأ ننا قد توكلنا على الله وعزمنا على مرا فقتك .
وصلت الا سرة الى مكة واسكنهم عطية في احد الا حياء الشعبية ثم راح يهيء لهم وسائل الا قامة كان الزمن حينذاك الخمسينات من القرن الرابع عشر . في الصباح التالي باشر عطية عمله في المتجر بهمة ونشاط وراحة نفسية وذلك لوجود ابويه من حوله وقابل ابا صالح واخبره بأ نه قد احضر أبويه للا قامة معه هنا , وقد سر ابو صالح بحضورهم , لان ذلك سيكون سببا لاستقرارعطية واستمراره في العمل , وقد سأ ل أبو صالح عطية عما اذا كان والده قا در وير غب في العمل ؟ قال عطية ان والده فلاح قد نشأ وتعود على العمل , وانه لا يمانع في قبول أي عمل وخاصة عند ابي صالح , كما انه يجيد القراءة والكتابة , قال ابو صلبح ان لدينا احد المستودعات محتاج الى حارس واعتقد انه سيكون منا سبا لا سيما وهو من انجب عطية .’ولانه يقرأ ويكتب ,
وتسلم عبد الله بن عطية السالمي المستودع رقم اربعة , وكان مستودعا للحبوب,و كان بجانب المستودع بيت صغير حل به عبدالله وزوجته ام عطية وشاركهم السكن ايضا عطية ,