
الــنــفـــس وصـــور ضـــبـــطــــهـــا ( 4 )
أخي المسلم أختي المسلمة
أهلا ومرحبا على صفحة جديدة من صفحات هذا المجلس
ومع الحديث عن النفس وصور ضبطها ، ولا شك أن ضبط النفس ليس بالأمر الهيِّن
إذ الصراع داخليٌّ مائة بالمائة ، ولكن آثاره وبوادره داخلية وخارجية ، فلا بد من بذل مجهود مضاعف
يُستطاع به ضبط أمراض النفس ، ولن يتم ذلك إلا بأمور منها:
الاعتراف بعيوب النفس والتعرف عليها:
وهذا لا يتم إلا بإتباع توجيهات القرآن التي سمَّاها بالبصائر: قال الله
{ قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ }
قال الشيخ السعدي - يرحمه الله –
" بصائر تبين الحق وتجليه للقلب لما اشتملت عليه من فصاحة اللفظ
وبيانه ووضوحه ومطابقته للمعاني الجليلة والحقائق الجميلة ، بصائر توضح المشكلات
{ فَمَنْ أَبْصَرَ } بتلك الآيات مواقع العبرة وعمل بمقتضاها {فَلِنَفْسِهِ}
فمن بصر ولم يتبصر ، وزجر فلم ينزجر ، وبين له الحق فما انقاد له ولا تواضع
فإنما عماه ومضرته عليه { ومن عمي فعليها } فإذا أراد العبد ضبط نفسه بصَّرها
بامتثاله أمر الله واجتنابه لنهيه ، وتنضبط أكثر عندما يلزمها بسنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ومن كان كذلك لم تخفَ عليه عيوبه ، وإذا عرف عيوبه أمكنه علاجها "
فالإنسان يلاحظ كثيراً على غيره ، ولكنه لا يجرؤ على النظر في عيوبه ، أو يبحث عنها
الكل يرى القَذَى في عين أخيه ّّّّّّّّّ ولكنه لا يرى ما في عينيه
ولتحقيق هذا الاستبصار وجب سلوك سبيلين:
السبيل الأول:
أن يطلب ذلك بالجدِّ والاجتهاد والإخلاص ولا يتم ذلك إلا بمراقبة من يعلم السرَّ وأخفى
على مستوى القول والفعل والسلوك ، مع المجاهدة الجادة
وحتماً بهذا الفعل ستكون النتيجة هي الاهتداء لسبيل الحق:
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا }
السبيل الثاني:
مراقبة أحوال وأقوال وأفعال الآخرين ، ليقف على السيِّئ منها ، فيلحظه في نفسه ليتجنَّبه
يتفقد نفسه ويطهرها في ضوء ما يراه مذموماً في غيره ، وقد قص الله علينا قصصا كثيرة ثم قال:
{ لقد كان في قصصهم عبرة للأولي الألباب }
وقد قيل قديماً: « العاقل من اتّعظ بغيره »
فالإعراض عن معرفة العيوب هو ضعف ونقص وفقدان للشجاعة في مجاهدة النفس وضبطها
ولهذا الإعراض سبب أساسي وهو: ا
عتقاد الإنسان أنه بلغ مرحلة من الصلاح والمعرفة
وأنه ليس بحاجة للنصح والتوجيه
وأن خطأه لا يؤاخذ به ... ولا يعاتب عليه ...... ولا يحب أن يقال له أنت أخطأت .......
وهذه والله سفاهة وحماقة وجهل ، كل إنسان معرَّض للنقصان والخطأ والزلل
ورضي الله عن عمر الفاروق إذ يقول:
« أحب الناس إليَّ من رفع إليَّ عيوبي ».