بعد التداول
صورة ضاحكة أثناء إقلاع طائرة الأسهم ومطباتها وهبوطها الاضطراري!



عبدالله الجعيثن
قال لي مدير فرع بنك كبير: مرّ بنا العجب العجاب أثناء تحليق طائرة الأسهم فوق السحاب ثم إصابتها بمطبات فضائية هائلة تخلع القلوب ثم هبوطها الاضطراري بعد تقلبها العنيف المخيف.. على أن أعجب ما مرّ بي - يقول - عميل شايب جاء والأسهم تقلع فقال: عطني من حسابي مئة ألف ريال.. قلت: ابشر يا عم، وأحضرتها فعدَّها ونظر لها طويلاً ثم قال: خذ رجعها للحساب وعطني الإيصال الله لا يهينك!
قلت ابشر يا عم ولم أسأل عن سر الحركة، ولكنه في الغد جاء وقال: هذا شيك لأمري بثلاثمائة ألف ريال.. عجل أمهات خمس! فأحضرتها فعدها ونظر فيها ثم أعادها لحسابه!!.. قلت: ياعم اسمح لي اسأل: لماذا تسحب وتودع خلال نصف ساعة!! قال: ما بعد جاك شي كثّر فلوسك كل يوم أبسحب وأودع مالي شغل إلا أنت!! قلت: أنا في خدمتك ولكن قل لي ما الهدف واريّحك!! قال: ها.. تريحين ما يريحني إلا عد الأنواط!.. هذي يا وليدي أرباحي من الأسهم أمس.. وكلما ربحت تلقاني بكرة عندك قبل ما يفتح السوق استلم أرباحي عداً ونقداً أتمتع برؤيتها وأتأكد أنها (صدق) ما هي (خراط) وارجعها لك!!

واستلمني هذا الشيخ كل صباح يسحب ويودع غير أنه لكثرة الأرباح ما صار يعد الفلوس بل يشمها ويقلبها بين يديه (يروزها) ثم يأمرني بإيداعها!!

قال: ثم بدأت طائرة الأسهم المقلعة تواجه مطبات فضائية حين جاوزت سرعتها عشرين ألف ميل وهي ضعف سرعة أسرع الطائرات فاختفى الشايب تماماً وأنا أراقب حسابه بالناقص والخسائر تحل محل الأرباح فأشفقت على الشيخ وإن كنت بصراحة استرحت منه حتى جاء ذات يوم وقد هوت الطائرة في هبوط اضطراري فقلت: سلامات!.. وبدا لي أنه كبر عشرة أعوام وانحنى ظهره ولكنه مرح فقال: الله لا يسلمك أي سلامات!!.. قلت: ما عاد نشوفك!.. قال: وش أبي بك لو اجي أسحب خسارتي كل يوم وأشوفها بعيوني انهبلت!!.. ثم ابتسم عن نابين فقط في فكّه الأعلى وقال: يا ولدي أنا بخير ولكن الطمع طقّني ما عاد أدري وين عقلي والا كيف أربح ذيك الأرباح ولا أبيع.. قلت: مقسوم ياعم!.. قال: أنا أشهد وأشهد أن الرسول عليه السلام يقول: (يشيب الإنسان وتشب معه خصلتان: الحرص وطول الأمل) وإلا أنا رجلي في القبر وفلوسي واجد وش محرصني ومطمعني وأنا مجرب وكنت وأنا صغير أشتغل كل اليوم بنصف ريال ولكنها الأقدار..!.

قال: واختفى الشيخ!.

قلت: وعسى ما عطيتوه تسهيلات وقت الارتفاع! قال: الا عطيناه وعطيناه مثل غير، ثم بيعناه غصب عليه!! قلت: أنتم البنوك أكبر سبب في ارتفاع السوق الخبالي الذي أدى الى هبوطه أكثر من المعقول بكثير.. فالمصارف مع السوق ورواده تشبه سائق السيارة الكبيرة، كنتم تسيرون بالناس بسرعة جنونية ثم ضربتم (الفرامل) فجأة فتكسّر الناس.. الخطأ في قيادتكم للسيارة الكبيرة بسرعة 200كيلومترا في الدقيقة!

ــــ

تحية وتقدير لكاتبنا المبدع

الأستاذ عبدالله الجعثين

__________________


( لمراسـلتنـا اضغط هنا )