موضوع رقم 5 حياة السفر سابقا لبعض أبناء الجنوب


المجلس الـــــعــــــــام للمواضيع التي ليس لها تصنيف معين

موضوع مغلق
قديم 02-06-2007, 11:30 PM
  #1
صابر الأديب
عضو نشيط
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 279
صابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really nice
افتراضي موضوع رقم 5 حياة السفر سابقا لبعض أبناء الجنوب

يروي والدي لي رحمه الله أنه خرج قاصدًا موقف السيارات المسافرة إلى الطايف . كان على المسافر أن يحمل ورقة يطلق عليها ورقة مرور، وكان زمن ذلك قبل صرف الحفائظ ( التوابع ) من الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية . ولكي يتفادى والدي ذلك الإجراء الذي يستغرق وقتًا ، ويكلّفه مالا وجهدًا ، اتفق مع صاحب سيارة من طراز ( لوري ) على أن يحمله إلى الطائف مجانا مقابل أن يحضر له والدي مجموعة من الركاب الذين لا يحملون ذلك السماح الرسمي ( ورقة المرور ) وأن يذهبوا مشيًا على الأقدام حتى يتجاوزوا نقطة التفتيش التي تقع شرقي مدينة خميس مشيط . استقلّ الركاب المسافرون السيارة اللوري المكونة من دورين ، دور للأغنام وأحيانا للركاب ، وآخر علوي للركاب ، وسار بهم سائق السيارة ومساعده ، ويسمى السائق سعيد رحمه الله ، عبر طرق ومسالك وعرة قاصدًا الطائف مرورًا ببيشة ورنية.

في اعتقادي أن سرعة السيارة لا تتجاوز 20 كم في الساعة أحيانا ، كما أن صوتها يجلجل في تلك الصحاري حتى أنه يمكن أن يُسمع من مسافة 4 كيلو مترات .

كانت مهمة مساعد السائق ( المعاون ) تجهيز فراش السائق وإعداد الطعام له ، وأحيانا القيادة بدلا منه .
في وقت ما ، قام المعاون بقيادة السيارة ، والسائق إلى جواره في قمرة القيادة ( الغمارة ) وحصل أن اعتلت عجلات السيارة مكانا مرتفعًا فانقلبت السيارة في وادٍ خال من الناس . توقفت السيارة وعجلاتها إلى الأعلى ، وقد وجد له والدي مخرجًا من فتحة عبر القماش السميك الذي يَلف به صندوق السيارة الخارجي لحماية الركاب من البرد ، فخرج من ذلك الثقب متسللا ومرددًا عبارة [ جعْلهْ بعمري من عوالي ].

خرج والدي سليمًا من الإصابات ، أمّا أكثر الركاب فقد أصيبوا بإصابات بعضها إصابات بليغة ، فقام بعضهم بإجراء الإسعافات البدائية وهي لفّ الجروح بخرق ( قطع ملابس ) قديمة لإيقاف النزيف ، وأحيانا حثو الجرح بالتراب بهدف إيقاف النزيف . ومع اللجوء لتلك الإسعافات التي لا تنمّ عن وعي بمخاطرها إلا أن الله يعاملهم على مستوى تفكيرهم وإدراكهم ، فلا غرغينا ولا جلطات ولا نكسات طبية فادحة نتيجة لسوء التعامل مع تلك الأزمات والفاجعات .
ذهب السائق إلى الطائف لإحضار مهندس ( ميكانيكي ومعه ونش ) لإعادة السيارة إلى وضعها الطبيعي وتشغيلها ، أمّا الركاب المصابون والسالمون فقد بقوا ثلاثة أيام بجوار السيارة وكانت المؤن قليلة جدًا ، والفرش معدومة .
كان والدي حين النوم ، يحفر له شقًا في الرمل ثم ينام في الشق ويغطي نفسه بالرمل من شدة البرد وألمه . بعد إصلاح السيارة ، طلب قائدها من والدي التدخل لإجراء الصلح بينه وبين المصابين ، وأخرج قائد السيارة شنطة (حقيبة ) نقود من العملة الفرنسية وأوعز إلى والدي بالتفاوض مع الركاب فقام والدي بالمفاوضة وإجراء الصلح وكان حاذقا وملمّا بهذه المهمة.

واصل المسافرون رحلتهم بعد إصلاح السيارة ، وكانت الطريق خالية من الحياة تقريبًًا ، فعندما تتوقف السيارة للراحة يقوم المسافرون جماعات ووحدانا بإصلاح القهوة وطبخ الطعام البسيط بأيديهم .
كان بعضهم خلال الليل ينامون في أكياس خاصة بالنوم يطلق على كل واحد منها ( كيس نوم ) وهو من القماش السميك ، وهو أشبه بكيس السكر أو الأرز في هيئته[ الوعاء ] لكن مادته قماشية . يدخل الواحد داخل الكيس ثم يربط فوهة الكيس من الداخل بخيط وينام في قلة من الأوكسجين ، لكنه ينام في كفاية من الدفء .
استطاع والدي الفقير أن يركب بالمجّان لبراعته في المفاوضة ، وأن يجمع مبلغًا من المال من الركاب وصاحب السيارة أثناء مفاوضات الصلح ، وعند وصوله مدينة الطائف وجد شخصًا ما يزال حيًا قاصدًا العودة إلى المنطقة، فتوسّل والدي إليه أن يحمل ما جمعه من نقود ويسلمه على عجل لوالدتي التي لا تملك شيئًا هي وصغارها الثلاثة .
كان أشهر مكان بالطائف يجتمع فيه الآتون إلى الطائف والمغادرون منها هو ( برحة مسجد عبد الله بن العباس ) وفي ذلك المكان وجد مجموعة من أهالي القرى المجاورة لنا حيث قرروا جميعًا الذهاب إلى أحد أعيان الطائف ويرجع أصله إلى قرية مجاورة لقريتنا رحمه الله .
دخلوا بيته فأكمل الترحيب وأجمل الضيافة والاستقبال ، ثم فتح المجال أمامهم ليقول كل واحد منهم طلبه ، فتوالت الطلبات ، ولبّاها، ثم التفت لوالدي وقال وأنت يا هتــرــ... ماذا تريد ؟ فقال : أريد ثمن ( زفّة ) والزفّة وعاء يحمل على الكتف مكوّن من صحيفتين تتسع كل واحدة لحوالي 18 ليترًا من الماء وتعلقان بحبال بطرفي خشبة ، وتحمل الخشبة على كتفي الرجل .
لم تكن بالطائف آنذاك شبكة مياه أو صهاريج تتسع لكمّ من الماء ، بل كان يوجد فوق أسطح المنازل صهاريج ( حنفيات ) تتسع لحوالي 100 ليتر من الماء ، ويستخدم الماء في الشرب والطبخ والغسيل . كانت المياه تؤخذ من صنابير مخصصة لهذه الغاية ، يطلق عليها اسم ( البيزان ) وكانت المياه عذبة لكنها غير نقية .
كان السقّاءون يجتمعون حول تلك الصنابير لملء أوعية الماء ( الزّفاف ) وكان يحدث بينهم زحام شديد يؤدي إلى خلافات ، وتتسع دائرة المشاجرات إلى أن تصل إلى درجة الانتماءات أو ما يسمى حاليا بالجهوية .
كان المقياس الأساس للحكم على بلوغ الفتى ، وتحديد درجة فطنته وحكمته هو الاعتماد على المعنى الحقيقي لهذا البيت :
إذا شبّ الفتى وبلغ عشرين عاما ولم يعرف دروب المقديات

فلا تفرح إن قيل سلم ولا تغتم إن قيل مات.

والمعنى الحقيقي لهذا البيت إن سنّ العشرين عاما يعتبر هو المعيار أو الفيصل بين حياة الطفولة وحياة الرجولة . فإذا بلغ الفتى سنّ العشرين ولم يدرك واجباته ومسؤولياته أمام ربّه ونفسه وأهله ومجتمعه ، فلا تسرّ ببقائه حيّا ، ولا تحزن إن سيق إليك خبر وفاته . بهذا المعيار السليم وصل أسلافنا إلى درجة عالية من النشاط والهمة والفاعلية في الحياة .
كان السقاءون يسكنون في غرف ضيقة مبنية من الحجر ومسقوفة بالخشب والطين غير مضاءة ، ولا توجد بها منافذ للتهوية ، كما أنه لا توجد فيها أو حتى حولها دورات مياه . ويتجمع في كل غرفة ثلاثة أو أربعة أشخاص وتستخدم هذه الغرفة الشبيهة بالحانوت القديم للجلوس والنوم والطبخ . كان الناس بسطاء فلا يتحدثون إلا في أسماء المزارع وخصوبة الأرض ونوع المواشي وأثمانها ، وذكْر أيام الاعتداءات والحروب القبلية ، بعيدا عن السياسة والحروب المدمرّة والاقتصاد والتقنية .
صابر الأديب غير متواجد حالياً  
قديم 03-06-2007, 01:13 PM
  #2
موسى بن محمد آل شاهر
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Feb 2005
المشاركات: 979
موسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond reputeموسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond reputeموسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond reputeموسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond reputeموسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond reputeموسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond reputeموسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond reputeموسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond reputeموسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond reputeموسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond reputeموسى بن محمد آل شاهر has a reputation beyond repute
افتراضي رد : موضوع رقم 5 حياة السفر سابقا لبعض أبناء الجنوب

الاخ صابر
السلام عليكم ،،، نحمد الله على النعمة التي نحن بها وقد مر اجدادنا بحياة قاسية وصعبة ولدي عتب ارجو ان تقبله الشخص الذي ذكرت انه من اعيان الطائف وكان فاتحا بيته ويساعد القادمين من ديرته كان الاحرى ذكر اسمه لانه حق له علينا ان يترحم الجميع عليه وان نعرفه لان ذلك كان في وقت ليس سهلا من حيث صعوبة الحياة.

دمتم في حفظ الله

موسى آل شاهر البشري
موسى بن محمد آل شاهر غير متواجد حالياً  
قديم 03-06-2007, 02:29 PM
  #3
صابر الأديب
عضو نشيط
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 279
صابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really niceصابر الأديب is just really nice
افتراضي رد : موضوع رقم 5 حياة السفر سابقا لبعض أبناء الجنوب

ما دمت أكتب باسم مستعار فلن أستطيع الإفصاح عن بعض التفاصيل والدلائل ، مع العلم بأنني لن أتعرض للحياة الخصوصية لأي شخص أو لكرامة أي فرد ، فأبشرك أنني أخشى الله كثيرا ، جعلنا الله وإياكم ممن يخافون عقابه ، ويرجون ثوابه ، مع خالص شكري يا أخي موسى آل شاهر . صابر الأديب .
صابر الأديب غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وظائف شاغرة ....... موضوع متجدد خالد العاصمي المال والأعمال 237 30-11-2007 12:03 PM
بيان الشيخ العلامة البراك حول مقتل صدام.... سعيد آل حازب المجلس الـــــعــــــــام 49 25-02-2007 11:02 PM
من أجل رأس صدام لا من أجل عرض عائشة رضي الله عنها سعيد آل حازب المجلس الـــــعــــــــام 7 26-01-2007 10:45 PM
احاديث نبوية المعمري مجلس الإسلام والحياة 4 11-09-2005 12:38 AM


الساعة الآن 07:04 PM

ملصقات الأسماء

ستيكر شيت ورقي

طباعة ستيكرات - ستيكر

ستيكر دائري

ستيكر قص على الحدود