
ليس من الجهاد في شيئ ..................للشيخ
المظاهرات والاعتصامات وتجمعات السفهاء
التنظيمات السرية والتدريبات المشبوهة من طرق أهل كفى بتفجيرات الرياض إثما أنها زعزعت أمن بلاد الحرمين
الوفاء بالعهد من أخلاق المسلم حتى في حال الحرب! المظاهرات والاعتصامات وتجمعات السفهاء
التنظيمات
السرية والتدريبات المشبوهة من طرق أهل
كفى بتفجيرات الرياض إثما أنها زعزعت أمن بلاد الحرمين
البدع قديما وحديثا
أعد فضيلة الشيخ سلطان العيد إمام وخطيب جامع خالد بن الوليد في الرياض بحثا علميا قيما بعنوان: " ليس من الجهاد في شيء " جمع فيه النصوص الشرعية والفتاوى العلمية المتعلقة ببعض الشبه التي يثيرها أتباع الجماعات المتطرفة، خصوصا ما يختص بأحكام الجهاد في الإسلام.
وبين فضيلته في هذا البحث الغاية من الجهاد في الإسلام والوسائل المشروعة لإبلاغ دعوته، كما فند بالحجة والبرهان كل الأباطيل والشبه التي تعلق في أذهان بعض المتحمسين من الشباب.
" الدعوة " تنشر البحث كاملا في هذا العدد مؤملة أن يكون فيه نفع وفائدة للقارئ.
إن الإسلام الذي رضيه الله لنا دينا، وبعث به خاتم النبيين محمدا صلى الله عليه وسلم ، إنه والله لدين الوفاء والأمانة، دين العدل والصدق، دين البر والصلة، قال الله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} [الإسراء: 34]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} [المائدة: 8]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119]، وقال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا··} [النساء: 36]، وقال تعالى: {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ·· } [الرعد: 21]، والآيات في ذلك كثيرة بحمد الله·
وإن دين الإسلام كما يأمر بالأخلاق الفاضلة والآداب العادلة، فإنه يحارب الغدر والجور، والكذب والخيانة، والعقوق والقطيعة·
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر " ·
وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة قاطع " يعني قاطع رحم. وقال صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " ·
إن الوفاء بالعهد من أخلاق الإسلام الفاضل، التي أمر الله بها وحث عليها ورغب فيها، وإن الغدر والخيانة من الأخلاق الذميمة التي حرمتها الشرائع، وتنفر منها الطبائع، وإن من أعظم الغدر: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق·
الأنفس المحرمة
وليست النفس المحرمة هي نفس المؤمن فقط، بل النفوس التي حرمها الله، وحرم قتلها أربع أنفس: نفس المسلم، ونفس الكافر الذمي، ونفس الكافر المعاهد، ونفس الكافر المستأمن·
هذه الأنفس كلها محترمة في كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ·
حرمة نفس المسلم
أما نفس المسلم فظاهر احترامها، وهو من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام، فمن أظهر لنا إسلامه فنفسه محرمة، وإن عمل ما عمل من المعاصي التي لم يدل القرآن والسنة على أنها تبيح قتله، قال تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} [النساء: 93]·
وقال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69) إلا من تاب ..(70) } [الفرقان].
وأما تحريم قتل الذمي والمعاهد، فلما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما " ، رواه البخاري " 1366" ·
وقال " : " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما " خرجه البخاري "6862" ·
وأما المستأمن، فقد قال الله في كتابه: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ··} [التوبة: 6]، أي اجعله في حماية منك حتى يبلغ المكان الآمن من بلده·
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل " متفق عليه(1)·
ومعنى الحديث: " أن المسلم إذا أمن إنسانا، وجعله في عهده، فإن ذمته ذمة للمسلمين جميعا، من أخفرها وغدر بالذي أعطي الأمان من مسلم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وإننا نلعن من لعنه الله ورسوله وملائكته، ونصدق خبره " أنه لا يقبل منه صرف ولا عدل·
خطورة التفجيرات
وبذلك تعرف خطأ عملية التفجير التي وقعت في عاصمة بلاد الحرمين، في مكان آهل بالسكان، المعصومين في دمائهم وأموالهم، والذي حصل من جرائه إزهاق للأنفس وسفك للدماء المعصومة، فقتل وأصيب أكثر من مئتين، منهم المسلمون والأطفال والشيوخ والكهول والشباب، وتلف من جراء ذلك أموال ومساكن كثيرة·
ولا شك أن هذه العملية لا يقرها شرع ولا عقل ولا فطرة·
الأدلة الشرعية على حرمة التفجيرات
أما الشرع فقد تقدمت النصوص من الكتاب والسنة الدالة على احترام المسلمين في دمائهم وأموالهم، وكذلك الكفار الذين لهم ذمة أو عهد أو أمان، وأن احترامهم من محاسن دين الإسلام: دين العدل والأمانة والوفاء، ولا يلزم من ذلك محبة ولا موالاة، ولكنه الوفاء بالعهد إن العهد كان مسئولا·
الأدلة الفعلية
وأما العقل، فلا يقرها أيضا، لأن العاقل لا يأتي أمرا محرما، لأنه يعلم سواء عاقبته في الدنيا والآخرة، ولا شك أن هذه الفعلة الشنيعة لا خير فيها، بل يترتب عليها من المفاسد ما سيأتي ذكره قريبا·
مخالفته للفطرة
وأما مخالفة هذه الجريمة للفطرة، فلأن كل ذي فطرة سليمة يكره العدوان وظلم الخلق، فماذ ذنب القتلى والمصابين بهذا الحادث من المسلمين، وما ذنب الآمنين على قرشهم في بيوتهم، وما ذنب المصابين من المعاهدين والمستأمنين، وما ذنب الأطفال والشيوخ والعجائز، إنه لحادث منكر، لا مبرر له، وإنه انجراف فكري، وثمرة من ثمار الجماعات الدعوية الحزبية الوافدة إلى بلاد الحرمين، فقد صرفت بعض شبابنا عن دعوتنا السلفية دعوة الإمام المجدد إلى دعوات حركية بدعية، عمادها التكفير والعداء.
وأما مفاسد هذه التفجيرات فكثيرة منها:
أولا: إنها معصية لله ورسوله، وانتهاك لحرمات الله، وتعرض للعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وألا يقبل من فاعله صرف ولا عدل.
ثانيا: من مفاسده تشويه سمعة الإسلام، فإن أعداء الدين سوف يستغلون هذا الحدث للطعن في الإسلام وتنفير الناس عنه، مع أن الإسلام بريء من ذلك، فأخلاق الإسلام: صدق وبر ووفاء، ودين الإسلام يحذر من هذا العدوان وأمثاله أشد التحذير.
ثالثا: من مفاسد هذه الفعلة القبيحة أعني التفجير في الرياض: أنها توجب الفوضى في هذه البلاد التي ينبغي أن تكون أقوى بلاد العالم في الأمن والاستقرار، لأن فيها بيت الله الحرام، الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، ولأن فيها الكعبة التي جعلها الله قياما للناس، تقدم بها مصالح دينهم ودنياهم، قال تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس ..} [المائدة: 97].
ومن المعلوم أن الناس لن يصلوا إلى هذا البيت إلا عن طريق المرور بهذه البلاد جميعها من إحدى الجهات، فحسبنا الله على من سعى في زعزعة أمن بلاد الحرمين·
رابعا: من المفاسد ما حصل بهذه الفعلة من تلف النفوس والأموال، وما حصل للمعصومين من رعب وفزع وخوف، كما شاهد الناس ذلك في وسائل الإعلام، ووالله إن القلوب لتحزن وإن الأعين لتدمع حين يشاهد الإنسان الأطفال والعجائز وهم يخرجون من تحت الأنقاض قتلى، أو على سرر التمريض ما بين مصاب بعينه أو رأسه أو قد بترت يده ورجله، تدور أعينهم فيمن يعودهم، ولا يملكون رفعا لما وقع ولا دفعا لما يتوقع، فهل أحد يقر بهذا أو يرضى به؟
ووالله لا ندري ماذا يراد من هذه الفعلة: أيراد الإصلاح؟
إن الإصلاح لا يأتي بمثل هذا، وإن السيئة لا تأتي بحسنة، ولن تكون الوسائل المحرمة طريقا للإصلاح أبدا·
ثم إن أهل العدل والإنصاف يقرون أن بلاد الحرمين خير بلاد المسلمين اليوم، في الحكم بما أنزل الله، واجتناب سفاسف الأمور ورديء الأخلاق، ليس في بلادنا ولله الحمد قبور يطاف بها وتعبد، وليس فيها خمور تباع وتشرب، وليس فيها كنائس يعبد فيها غير الله، وليس فيها مما هو معلوم في كثير من بلاد المسلمين اليوم، مع ما ننعم به من أمن وعدل واجتماع كلمة، فهل يليق بناصح لله ورسوله والمؤمنين، هل يليق به أن ينقل الفتن إلى بلادنا، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [الحشر: 18]·
لماذا فعلوها؟