عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-2011, 04:01 AM
  #1
سعيد شايع
.::قلم من ذهـب::.
 الصورة الرمزية سعيد شايع
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجبيل
المشاركات: 972
سعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud ofسعيد شايع has much to be proud of
افتراضي شعبان ...والغفلة (2)

بات طارق بن شهاب عند سلمان الفارسي ـ رضي الله عنها ـ لينظر في عبادته واجتهاده
قال طارق: فقام سلمان يصلي من آخر الليل فكأنه لم ير الذي كان يظن
فذكر طارق ما رأى من سلمان
فقال سلمان:
حافظوا على هذه الصلوات الخمس فإنهن كفارات لهذه الجرامات ما لم تصب المقتلة
فإذا صلى الناس العشاء صدروا عن ثلاث منازل:
فمنهم: من عليه ولا له
ومنهم: من له ولا عليه
ومنهم: من لا له ولا عليه
ثم بدأ يصف حالهم فقال:
رجل تسلل في ظلمة الليل وغفلة الناس فركب المعاصي صغيرها وكبيرها فذلك عليه ولا له
ومثل هذا كثير في عصرنا تجدهم يشحنون أنفسهم بالذنوب والمعاصي والفواحش كما يشحن
أحدنا جواله ، ويعبون أنفسهم بالسيئات عبا , فيزدادوا من الله بعدا ، ويهلكون أنفسهم
{ ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه }
وقال تعالى { ومن أساء فعليها }
وقال ـ وجل ـ { ومن يعمل سواء يجز به }
نعم هذا عليه ولا له ، وهذا هو الظالم لنفسه { ومنهم ظالم لنفسه }
أما الذي له ولا عليه
فرجل أغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فقام يصلي فذلك له ولا عليه
وهذا هو السابق بالخيرات ، قال الله { ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله }
وأما الذي لا له ولا عليه
فرجل صلى الفريضة ثم نام فذلك لا له و لا عليه
تراه مما قال الله فيه { ومنهم مقتصد }
ثم قال سلمان لطارق: إياك والحقحقة , وعليك بالقصد والدوام
والحقحقة: هي الاجتهاد في السير والإلحاح فيه ثم الانقطاع بعد ذلك
أخي الحبيب: لقد أخبر النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ بقوله
" أن أفضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل "
ولهذا المعنى كان ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ يريد أن يؤخر العشاء لنصف الليل , لكنه ترك ذلك
خشية المشقة على الناس , يقول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ لصلاة العشاء الآخرة فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده , ولا ندري
أي شي شغله في أهل , أو غير ذلك؟
فقال: حين خرج إلينا
" إنكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم , ولولا أن أثقل على
أمتي لصليت بهم هذه الساعة " رواه مسلم ، وفي رواية
" ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم "
ولذا كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالذكر , ويقولون: هي ساعة غفلة
فالتفرد بالطاعة في غفلة الناس والقيام بها يجد صاحبها من الأجور ما لا يجده الغافلون
والأجور المترتبة على الاشتغال بالطاعات في وقت الغفلة كثيرة متنوعة
فهل نتعرض لنفحات الله؟
وهل نتلمس الأوقات الفاضلة التي يغفل عنها الناس فنشغلها بالطاعة؟
هل يمكن أن يكون أحدنا متميزا منفردا بعمله وهو يعيش بين الناس في غفلتهم و إعراضهم ولهوهم؟
يا أخي المسلم: لتعلم أن إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فيه فوائد: فمن ذلك:
أن فعلك لهذه الطاعة يكون فعل خفي عن الناس , وبهذا يكون أقرب للإخلاص و إخفاء النوافل
والتطوع و إسرارها أفضل , لاسيما الصيام و القيام , فالصيام سر بين العبد و ربه
ولهذا قيل: ليس فيه رياء , وقد صام بعض السلف أربعين سنة لا يعلم به أحد , كان يخرج من بيته
إلى سوقه ومعه رغيفان فيتصدق بها ويصوم , فيظن أهله أنه أكلهما في سوقه , ويظن أهل
السوق أنه أكلها في بيته
وفي إحياء وقت غفلة الناس بالطاعات والعبادات فيه مشقة على النفس , وأفضل الأعمال أشقها
على النفوس إن كان موافقا للسنة , ولذا يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
" الأجر على قدر النصب "
ووصية الله لنبيه أن قال له
{ فاعبده واصطبر لعبادته }
والعبادة في الإسلام ليست مجرد شعائر , بل هي عند المؤمن منهج حياة , يعيش فيها وهو
يستشعر كل صغيرة وكبيرة طيل حياته ، يعبد ربه وصلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب
العالمين ، ولا شك أن هذا التعبد فيه مشقة , يحتاج إلى صبر
{ فاعبده وأصطبر لعبادته }
فأنت الآن في وقت قد غفل كثير من الناس عن دين الله وعن عبادته , فإذا قمت أنت من بينهم
وجدت في قيامك غربة ومشقة لكنها قد مزجت:
بلذة ...
وطعم ...
حلاوة ...
وثبات ...
وتميز ...
... لا يعرف مذاقها ... وحلاوتها ... وطعمها ... إلا أهل الأيمان
فهم أهل اليقظة والصبر والمصابرة
وهم الذين يدفعون بالحسنة ليمحوا السيئة
وما يوفق لهذه إلا الذين صبروا وجاهدوا أنفسهم في تربيتها وأطرها على الحق والهدى
ولذا تجد أن النفوس تتأسى بما تشاهده من أحوال أبناء جنسها
فإذا كثرت يقظة الناس وعبادتهم وطاعتهم واستقامتهم , كثر المقتدون بها
وإذا كثر أهل الشر والفساد وأهل الغفلة تأسى بهم من ضعف إيمانه وقلت خشيته وتقواه
والناس كيعاسيب النحل يتبع بعضها بعضا , لذا يقول عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ
( الناس أشبه بأهل زمانهم منهم بآبائهم )
فيا أخي الحبيب: كن من المتيقظين والطالبين لمهر الجنة وإن شق عليك ذلك ، فقد وصف
الحبيب ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ حال العاملين وقت الغفلة بالغرباء في آخر الزمان ، فقال:
" للعامل منهم أجر خمسين منكم "
أي من الصحابة ، بل إنه قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأصحابه
" إنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون "
نعم .. والله إنك قد لا تجد من يعينك على الحق والهدى
قد لا تجد معينا على الطاعة والتنافس فيها تدري لماذا؟
لأنك غريب ... غريب ....... غريب ........ غريب .......
......... فطوبى للغرباء ..........
أستودعك الله وإلى لقاء آخر ـ إن شاء الله ـ
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
__________________

عــــش مـــع الـــقــرآن .... تــعــش الــــحــيــاة
سعيد شايع غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس