
{ بدلوا نعمة الله كفرا .. } (15)
أخي الحبيب: أسعد الله أوقاتك بطاعته
ختمت اللقاء الذي قبل هذا بقول الله ـ عز وجل ـ
{ وَلا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلاَّ بِأَهْلِهِ } و
من خلال هذه القاعدة القرآنية لا بد أن نؤمن ونوقن
أن شـراذم العلمانيين والمنافقين الذين خرجوا على الدين وعلى أولياء الله وعباده الصالحين
وتمصلحوا وبغوا على مقدرات المسلمين لا بد أن نفهم ونعقل أنهم
لا يعتبرون
ولا يتعظون
ولا ينظرون
ولا يفقهون إلا لما كان يخدم مصالحهم ، ولا بد أن نقول لهم:
والله لن تدوم لكم في أرض الإسلام ودولة نشاط وعمل مهما حاولتم ، فما دامت لغيركم ممن أنتم
تسيرون على شاكلتكم ، فكيف تدوم لكم ، فإن الله يقول { متاع قليل } إي والله .. ف
قد رأيت سقوط وذهاب من كاد للدعوة والدعاة ، رأيته وعلى وجهه الخزي والعار ، لقد أصبح بيننا
لا قيمة له ولا وزن ولا مقدار ، بعد أن كان بيده القرار الذي عنوانه مقولة فرعون
{ ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد }
وها هو اليوم يذكر في المجالس والمكاتب على ألسنة الناس بالسوء والأعمال السيئة
هذا ممن شاهدته وعرفته !! فكيف بغيره ممن كان على شاكلته ؟؟
إن أمثال هؤلاء ممن بدلوا نعمة الله عليهم ، فحاربوا بها دين الله وخالفوا شريعته وسنة رسوله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآذوا محبيه والمقتدين به ، لن يظفروا بعزة أبداً .. ولا كسبوا مجدا ..
ولا ضروا إلا أنفسهم .. ولكنهم لا يشعرون ، والله إنهم اليوم كما سماهم أحد الأخوة
( هذا زمن تهافت الأصنام )
أليس هذا هو الفرح لعباد الله المؤمنين؟
أليس هذا هو النصـر الحقيقي؟
بلى والله { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } { قل جاء الحق وزهق الباطل } إي وربي زهق بأهله
وقراراته وأفكاره ، فلا يحبهم إذا راءهم أو تذكرهم أو ذكرت سيرتهم أو رأوا أسمائهم وتواقيعهم
أحد في قلبه حب للدين والدعوة والدعاة ، بل إنهم سيكبتون وسيكونون في الأذلين
قد يقول قائل إنك قد بالغت ، إنني لم أبالغ ، ولكن تأمل في قول الله ـ عز وجل ـ
{ إنَّ الَذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ }
قال الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ ( محادة الله ورسوله: مخالفتهما ومعصيتهما ، خصوصا في الأمور
الفظيعة ، كمحادة الله ورسوله بالكفر ومعاداة أولياءه )
والذي أريدك أن تركز عليه من قول الشيخ قوله
( مخالفتهما ومعصيتهما ومعاداة أولياءه )
وقال الله ـ سبحانه ـ
{ إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين }
قال الشيخ السعدي ( هذا وعد ووعيد ، وعيد لمن حاد الله ورسوله بالكفر والمعاصي
نه مخذول مذلول ، لا عاقبة له حميدة ، ولا راية له منصورة )
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ ( هؤلاء مجانبون للحق مشاقون له ، هم في ناحية والهدى في ناحية
{ أُولَئِكَ فِي الأذَلِّينَ } أي: في الأشقياء المبعدين المطرودين عن الصواب ، الأذلين في الدنيا والآخرة )
فهؤلاء هم من جملة الأذلاء لا أذل منهم ، لا بد أن يلحقهم الذل ، وهذه بشـرى نزفها لعصابات الفساد
الإفساد التي تحب أن يستشـري الفساد في المجتمع ، بشراهم .. بعذاب مهلك في الدنيا قبل
الآخرة ، قال الله { إنَّ الَذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ }
هؤلاء الذين يريدون أن يبدلوا نعمة الله كفرا يحلوا قومهم دار البوار ، أما الذين يمكرون بالإسلام
وأهله مكر الليل والنهار فنقول لهم: سيأتي يوم يكشف الله فيه مكركم ، ويهتك ستركم
لأنكم جمعتم بين شرور ثلاثة ، من كُن منه ، كُن عليه
ولذا قال علي ـ رضي الله عنه ـ ( ثلاث هن راجعات إلى أهلها: المكر، والنكث، والبغي، ثم تلا قوله تعالى
{ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}
وقوله { فمن نكث فإنما ينكث على نفسه }
وقوله { إنما بغيكم على أنفسكم } )
فالأول المكر: وما عندنا شك في قول الله تعالى فيهم { وَلا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلاَّ بِأَهْلِهِ }
والثاني: البغي ، وخطاب ربنا ـ سبحانه ـ واضح { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم }
والثالث: النكث ، قال الله { فَمَن نَّكَثَ فَإنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ }
وهذه رسالة نبلغها لكل طاغية وباغي وماكر ومفسد ومضلل
سواء كان على مستوى الدولة أو على مستوى جماعي أو على مستوى فردي.