مشرف مجلس التربية والتعليم
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: نجد
المشاركات: 8,288

رد : لقاء مع رائد الفضاء العميد طيار : عبدالمحسن بن حمد البسـام
@ انطلاق المكوك في الفضاء ألا يحمل لأجواء شاعرية؟
- الفضاء شاعري للشعراء ولكني لست منهم فأنا طيار محترف لكني بعيد جدا عن الشعر والشعراء والشاعرية. وأذكر ان الامير سلطان تعرض لهذا الموضوع في احد الحوارات حيث قال :
الفضاء الخارجي بحاجة لشاعر فنان ينقل للآخرين بحاسته الفنية عظمة الله في كونه. والسبب في ذلك ان رؤية الفنان اكثر شمولية وعمقا من رؤية الاكاديمي البحت الذي يحصر تفكيره في المعادلات والنتائج والمشاهدات والاستنتاجات.
رحلات علمية أخرى@ يرى المحللون ان رحلتكم رغم نجاحها بكل المقاييس لم تتبعها انجازات علمية بنفس القوة ولم تدفع الشباب السعودي لارتياد مجالات التحدي. ما رأيكم وتعليقكم؟
- سأبدأ من الشق الثاني وأقول ان العكس هو الذي حدث تماما فمنذ تلك اللحظة التاريخية سجل الاقبال على كليات الطيران وغيرها من الكليات العلمية اقبالا لم تشهده تلك الكليات في أي وقت آخر. من هذه الزاوية أرى ان الرحلة حققت اهدافها .. حتى الدورات التي كانت تعقد من وقت لآخر لم يكن يلتحق بها الا افراد دون العشرين تجاوز عددهم الآن مائة.. كل هذا الاقبال نتيجة ايجابية للرحلة التاريخية واقتداء من شبابنا بجهودنا في هذا المجال.
اما الشق الاول من السؤال فالمهمة التي انجزناها ليست دورية ولا موضوعة ضمن منهج دراسي بل تبدأ المهمة عند ظهور الحاجة ومتى ماظهرت الحاجة وظهر المجال فالمملكة سباقة دائما ولعلك تذكر الرحلة العلمية الى القطبين الشمالي والجنوبي التي شارك فيها اثنان من اساتذة جامعة البترول.
سياستي في التربية
@ كم كان عمر نجلكم بدر عند قيامكم بالرحلة؟
- ثلاث سنوات فقط لذا فهو لايتذكر عنها شيئا.
@ أين هو الآن؟
- في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سيتخرج بعد سنتين.
@ هل اخترت له الجامعة؟
- اختارها بنفسه.
@ وتخصصه؟
- مالية.
@ من اختار هذا التخصص له؟
- اختاره بنفسه
@ وتوجيهاتكم الأكاديمية له؟
- علاقتي الدراسية بابني بدر انتهت بنهاية الصف الثاني من المرحلة الثانوية ثم تركت له بعد ذلك حرية اختيار التخصص والجامعة دون تدخل مني ليكون على اقتناع تام بما يدرس لان الدراسة في المقام الاول اختيار وليست الزاما.
وهذه هي سياستي دائما أكون مع صغاري حتى أصل بهم الى المرحلة التي يستطيعون فيها اتخاذ قراراتهم بأنفسهم ثم بعد ذلك أحس انني اديت مهمتي.
الكليات العسكرية
@ برغم انك عسكري الا ان ابناءك لم ينتظموا في السلك العسكري هل هو بايعاز منك؟
- في القواعد والمدن العسكرية كل شيء متوفر ولا يحس الشخص بحاجته الى الخروج منها للاختلاط بالآخرين، فالاصدقاء موجودون، والاسر تتزاور، والخدمات متوفرة بكاملها، والترفيه ايضا متوفر، فلماذا الخروج. لهذا كنا ونحن في القاعدة العسكرية مستقرين في حياتنا ولا نحس بشيء ينقصنا لنبحث عنه خارج المعسكر. ولهذا السبب ايضا لم نكن نغادر القاعدة الا اسبوعيا لزيارة باقي افراد الاسرة الذين ليسوا معنا في الداخل.
ولكن في المقابل نجد ان الموجودين داخل المعسكر مجموعة متجانسة همها واحد، واهتماماتها واحدة، وطريقة حياتها واحدة، والنشاطات والهوايات الترفيهية متشابهة حتى لو اختلفت عن اولئك الذين خارج القواعد العسكرية لذا فان الواحد منا اذا غادر المعسكر في عطلته الاسبوعية لا ينسجم مع الوسط الذي خرج أصلا لزيارته لذا يحن الى معسكره وزملائه فيعود حتى لا يطيل المكوث بين اناس لايهمهم حديثه ولا تهمه احاديثهم لان كل واحد في واد آخر. ولان ما ينطبق علينا ينطبق على صغارنا فان مشابهة ابنائنا لنا في كل شيء حتى المهنة امر طبيعي كثير الحدوث بين العسكريين والتجمعات ذات الصبغة الخاصة كأرامكو ولا غرابة في ان تجد ابن الطيار العسكري يتجه لدراسة الطيران العسكري وابن مهندس الجيولوجيا يتجه لدراسة علوم الارض.. وهكذا. ومن يدري لو استمررت في مجالي حتى التقاعد ربما كان اولادي سيسيرون على نفس خطواتي. ولكن ذهابي الى بريطانيا كدبلوماسي أدى الى التغيير الذي تراه في تخصصات ابنائي وميولهم لانني خرجت بهم من نطاق المعسكر المغلق.
مع د. غازي والمنقور
@ الحديث ذو شجون فحدثنا عن مرحلة بريطانيا والملحقية العسكرية؟
- اختارني للمنصب سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز بحكم اني كنت قائد جناح التعليم في كلية الملك فيصل الجوية. وقد وقع الاختيار علي عام 1986م. وكان سفيرنا في بريطانيا آنذاك الشيخ ناصر المنقور. وقد استمر عملي ملحقا عسكريا حتى عام 1997م مما يعني معاصرتي للشيخ المنقور وخلفه د. غازي القصيبي ولكل من السفيرين تاريخه وقد شهدت حرب الخليج الثانية وانا هناك وكان الشيخ المنقور كثير الاجتماع بنا للوقوف على الازمة وتداعياتها وملابساتها ومتطلبات كل خطوة من خطواتها كما كان الشيخ المنقور كثير الاهتمام برعايا المملكة بصفة عامة في تلك الايام العصيبة. اما الدكتور غازي فأرى نفسي من المحظوظين لاني عملت معه.
ثم عدت الى الرياض وعملت سنتين حتى تكرم علي سيدي الأمير سلطان وكرمني بأكثر مما اعطيت لهذا الوطن، ثم تفرغت لاسرتي واخوتي وحياتي الاجتماعية.
على الفارس أن يترجل
@ هل تؤمن بأن على الفارس ان يترجل يوما ما؟
- أؤمن بذلك ايمانا مطلقا وقد قيل قديما (لو دامت لغيرت ما آلت اليك) فهذه سنة الحياة. وانا من المؤيدين لتجديد مجال العمل حتى يحس الانسان بطعم الحياة ولا استطيع ان اتخيل شخصا يتمسك بعمل حتى الممات او حتى التقاعد كأقل تقدير. اما ان كان لابد من التمسك بوظيفة ما فترة طويلة فمن الضروري تغيير المنطقة اما التمسك بوظيفة واحدة في مكان واحد فلا أرى له مبررا. حتى لو كان الموظف يرى انه مقتنع بعمله كل الاقتناع فعليه اتاحة الفرصة لغيره اذ ربما كان اكثر منه ابداعا وافضل منه انتاجا سواء بقدراته او تأهيله او خبراته.
@ الى الطيران تحن أم للدبلوماسية؟
- لكل منهما حسناته ولكن كلما اغمضت عيني نقلني الخيال والعقل الباطن الى عالم الطيران. واستعيد كل نشاط الشباب عندما تجمعني الظروف بقدامى الزملاء الذين عملوا معي في نفس المجال.
شباب مدى الحياة
@ كلمة أخيرة في ختام هذا الحوار؟
- كلمتي الاخيرة بطاقة اوجهها لشبابنا وهي ان يبتعدوا عن الافكار المنحرفة والشعارات المضللة التي لا تجلب لهم نفعا بل قد تضرهم واسرهم واوطانهم ، هذا على مستوى السلوك.
اما على مستوى التحصيل العلمي فعلى شبابنا الاتجاه الى الدراسات التي تفيد دولة نامية كالمملكة وعليهم ان يدركوا ان كل تقدم في اي مجال مرتبط بالعلم الذي به تبنى الدول وترتقي الامم
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم
لم يبن ملك على جهل وإقلال
وعندما أقول الشباب لا اعني فئة عمرية محددة بل اعني كل فئات المجتمع لان من كانت روحه شابة يظل العمر كله شابا وهذا مما استفدته من مجالسة ومعايشة د. غازي القصيبي المعروف بتنوع اهتماماته وكثرة مجالات تميزه وهو رجل كثير الاستفسار وواسع الاطلاع وغزير المعرفة.. عندما يضمنا مجلس كان يتحدث عن عالم الطيران بتعمق حتى كنت امازحه (انت سفير، خلي الطيران لينا شوي) وكان يرد علي بأن التغيير مطلوب والتجديد ضروري وليس من المقبول ان نكون ضمن ثقافة الاتجاه الواحد.
قبل ان ألتقي د. غازي كنت اعتقد اني دائم الاطلاع ولكن بعد ان التقيته ادركت ان اطلاعي وان كان كثيرا الا انه محدود فاكتسبت من د. غازي التنويع وقراءة كل شيء حتى لم يعد لدي دقيقة واحدة ضائعة هدرا.
عندما قررت ان انهج نهج د. غازي في القراءة بدأت بقراءة رواية (شقة الحرية) ثم اتجهت للتاريخ بوجه عام، ثم للسيرة النبوية، وهكذا اصبحت انتقل بين حقول المعرفة حتى اكتسبت عادة قراءة كل ما اجده امامي وبدأت استمتع بالقراءة.
وفوائد القراءة معروفة للجميع ولكني انادي بتنويع الاطلاع حتى تتسع المدارك.. وهناك نقطة اكثر اهمية وهي عقد حوارات مع الآخرين لتتلاقح الافكار وتتعدد الرؤى.