
رد : وأقــبــلــت ... الإجــــــــــــ( 1 )ـــــــــازة
{ كم لبثتم في الأرض عدد سنين }
إنه سؤال لهم عن مدة حياتهم في الدنيا ، وإن الله ليعلم كم لبثوا في الأرض عدد سنين
ولكنه سؤال يستصغر فيه قيمة الدنيا وسرعة تقلب ليلها ونهارها ، فكان جوابهم أن
{ قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم }
نسوا الأيام والليالي والأسابيع والشهور ، نسوا السنين التي عاشوا فيها وهم يأكلون ويتمتعون
أنساهم الوقوف في يوم القيامة كل شيء حتى قالوا ما ندري
{ يوماً أو بعض يوم }
وقد دلت آيات على أنهم أجابوا بغير هذا الجواب: كقول بعضهم لبثنا ساعة
وآخرون قالوا: لبثنا عشرا .... وأمثلهم طريقة هو من يقول: إنهم ما لبثوا إلا يوما واحدا
{ نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما }
انظر يا رعاك الله كيف أنساهم الموقف يوم القيامة أعمارهم التي قضوها في الدنيا ، لقد رأوا ما
بثوا في الدنيا إلا يسيرا بالنسبة إلى ما هم بصدده من العذاب ، حتى إنهم حولوا السؤال للعادين
للملائكة الكرام الكاتبين الحاسبين الذين يضبطون أوقاتنا وأعمالنا وأقوالنا ، لكن الله ـ عز و جل ـ يرد
عليهم في الحال ، فلا حاجة لسؤال الحساب العادين نحن أعلم بما لبثتم
{ إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون }
لو أنكم كنتم تعلمون قدر الليل والنهار
لو أنكم صبرتم في حياتكم الدنيا على طاعة الله وطاعة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
لو كان عندكم علم بقيمة الوقت وقيمة الفراغ وانتهاز الفرص
لو أنكم حاسبتم أنفسكم قبل لقاء يومكم هذا
ما قلتم لبثاً يوماً أو بعض يوم ، ولا قلتم
{ فسأل العادين }
لو أنكم علمتم حقيقة الدنيا وانتبهتم لقولنا لكم عنها
{ فلا تغركم الحياة الدنيا }
وقولنا { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور }
والله ما الدنيا إلا ثلاثة أيام:
أمس ... واليوم .... وغد ...
فأما الأمس فقد ذهب بما فيه
وأما الغد فلعلك لا تدركه
واليوم لك أو عليك ، فأعمل فيه قبل أن يرتحل فتندم على ذهابه
وهــــذا صَــبــَاحُ الـيــوم يــنـــعــــاك ضــــوءُهُ .... ولــيــلــتــُهُ تـنـعــــاك إن كُـنـت تـشـعُـــرُ
يا أخي المسلم: هل فكرت يوماً ما أو لحظة في مشكلة فراغك كيف نشأت؟
ما فكرت! ايش رأيك تفكر الآن!
آلان توك تفكر!
سبحان الله! أنا أعرف أنني قطعت حبل أفكارك ، فمعذرةً .. دعني أعطيك الجواب الذي يحتاج منك
إلى تفكيرك إلى آخر ، الجواب: انعدام الهدف عند الكثير منا في هذه الحياة ، فبعضنا ليس له هدف
وليس له غاية ، ليس له طموح ولا همة ، بل إن البعض يريد أن يعيش فقط ، لا يريد أن يحقق شيئاً يفد
به نفسه ولا يفيد به غيره ، إذن مشكلة الفراغ طارئةٌ ونابعة من عند الإنسان نفسه ، بمعنى أنه هو
الذي أحدث هذه المشكلة ، وهو الذي ضيعها وفرط فيها ، بل إنه ساير زيف الحضارة المعاصرة حتى
وظفته مع برامجها وأهدافها وخططها وقنواتها ومواقعها التي استخفته ، فلو كان عنده هدف وغاية
وجدولة لوقته وشغل يعمله ، فإذا فرغ منه نصب إلى شغل آخر ، لذا علم الله ـ عز وجل ـ أننا سنفرغ
ونكون فارغين ، فوصانا بقوله
{ فإذا فرغت فانصب }
يقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ( إذا فرغت من أعمالك فأنصب إلى عمل آخر , يعني اتعب لعمل
آخر , لا تجعل الدنيا تضيع عليك ، ولهذا كانت حياة الإنسان العاقل حياة جد , كلما فرغ من عمل شرع
في عمل آخر وهكذا ، لأن الزمن يفوت على الإنسان في حال يقظته ومنامه وشغله وفراغه , يسير ولا
يمكن لأحد أن يمسك الزمن) انتهى كلامه يرحمه الله
أخي في الله: الفارغ المضيع لوقته يشعر بأنه لا فائدة منه , وقد يشعر أو لا يشعر أنه لا ينتج ولا يفيد
الفارغ يعيش على حساب أوقات الآخرين , فلو كان لديه هدف وعمل لما كان كذلك
كيف يعيش في هذه الحياة من أعطى نفسه هواها ورغباتها؟ إ
نه سيعيش .. لكن مع وساوس شياطين الجن والإنس , فتلتهب كوامنه وتثير غرائزه ، وذلك في هواجيس
نفسيه , تنتج أفكار وتصورات وأعمال خطيرة
الفارغ يقتل وقته وفكره وعقله وطاقاته والنفس لابد لها من حركة وعمل , فإما في طاعة أو في معصية
والمطيع يتقدم والعاصي يتأخر , والنفس
{ بما كسبت رهينة }
فكل إنسان يحمل هم نفسه وتبعتها
فإن أراد تقدم بها أو تأخر
بإمكانه أن يكرمها أو يهينها
باستطاعته أن يزكيها أو يدنسها
والنتيجة
{ قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها }
فالتقدم بالنفس وإكرامها وتزكيتها يكون بحفظ الإنسان لوقته وإشغال فراغه بما يعنيه
وإهانة هذه النفس وتأخرها وتدنيسها يكون بإضاعة الإنسان وقته وشغلها فيما لا فائدة فيه
لما تسأل أصحاب اليمين عن المجرمين
{ ما سلككم في صقر }
كان من ضمن الإجابات أن قالوا
{ وكنا نخوض مع الخائضين}
بمعنى أنهم أخذوا حياتهم مأخذ الهزل واللعب والخوض في الباطل مع الخائضين
حياة بلا مبالاة
حياة بلا جد
حياة لعب لا حياة عمل
حياة ضياع لا حياة شعور بالمسؤولية
حياة تفلت واتكال
لذا يقول الله عن أمثال هؤلاء
{وذرالذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا}