مشرف مجلس التربية والتعليم
تاريخ التسجيل: Jul 2006
الدولة: نجد
المشاركات: 8,288

رد : رحلتي رقم 11 والتي إنقلبت إلى مأساة
بسم الله الرحمن الرحيم
((الحلقة التاسعة))
الأثنين 26-1-2009
كنت أعرف موقع المكان الذي نحن فيه بالضبط وأعرف الأحياء المجاورة لنا وأعرف أننا لوأتجهنا
للمحكمة فلن يستغرق ذلك منا إلا خمس دقائق أوأقل ولكني لم أنتظر وبادرت الجندي الذي عن يساري وقبل
أن تتحرك السيارة وسألته إلى أين ستأخذوني ؟؟؟عندها وضع يده على ركبتي وابتسم وقال لاتقلق نحن
ذاهبون للمحكمة عندها تنفست الصعداء وفهمت من حديثهم ونحن بالطريق أنهم أتصلوا على المحكمة
وأخبروهم أنهم قادمون وقد كانوا مستعجلين وهم يعرفون أني لن أستطيع الدخول للقاضي ولكنهم فقط
سيسلمون أوراقي للمحكمة والجوالات التي وضعها المحقق بظرف كمضبوطات ولاأستطيع أن آخذها.....
وصلنا عند المحكمة فطلبوا من أحدهم أن يأخذ الأوراق ويصعد سريعا ليسلمها للمحكمة بينما أنا سأذهب
برفقة جندي آخر الى الإيداع وهو بالقبو تحت المحكمة وكانت تلك اللحظة من أصعب اللحظات فقد كانت
السيارة تقف بالشارع المتجة لسوق الحميدية بمعنى أن مدخل سوق الحميدية أمامنا على بعد أمتار وتلك
المنطقة معروفة بزحامهابالناس وكثرة السياح بينما علينا أن نمشي على الرصيف لمسافة حتى نصل
للمدخل الجانبي للمحكمة وننحرف يميناً وبالتأكيد الناس سيشاهدوني وسيرون القيود بيدي صحيح أنهم
لايعرفوني ولكن كان الموقف محرج جداً فحسبنا الله ونعم الوكيل....
كنت في قمة الإحراج وتذكرت كلمات الدكتور العراقي عندما كان يصف حالنا ويقول:
((إحنا ناس محترمين بمجتمعنا وبمحيطنا وبين أهلنا ليش يعاملونا بهالطريقة))
توكلت على الله ونزلت وحاولت أن أخفي الكلبشات قدر المستطاع مشينا سريعا وأنحرفنا لليمين الى المدخل
الجانبي للمحكمة وعند المدخل رأيت رجال الشرطة فدخلنا وأتجهنا مباشرة للأسفل وكان أمامنا مباشرة
مكتب إستقبال صغير يوجد به بعض الشرطة فسلمهم الجندي ورقة كانت موجودة معه وبعد قليل أتى
الجندي الذي نزل قبلنا للمحكمة ومعه جوازي وأعطاه للشرطة وبعد ماذهب جنود الأمن السياسي أدخلني
الشرطي الى داخل الأستقبال وإبتسم وقال شايف الشاب إلي خلفي قلت نعم قال دير بالك عليه(يعني إدفع)
قلت لايوجد لدي أي مال
كنت أريد أن أحتفظ بالمبلغ البسيط الذي معي كي أتصل على أم خطاب لأطمأن عليها بعدها أخذني هذا
الجندي معه وسرنا في ممر وكان على يسارنا شبك طويل ذوفتحات صغيرة ملئ بالناس الذين تم تحويلهم
من جميع الفروع الأمنية (أمن سياسي-أمن جنائي-مكافحة مخدرات-وغيرها)كي تتم محاكمتهم....
وإتجهنا الى طاولة صغيرة في نهاية الممر عندها شرطي وبجانبه درج فسلمت جوازي للشرطي ولم
ينتظرني حتى اطلب منه شيئ بل هو من بادرني وقال ((بدك تتصل)) قلت نعم قال هات 100 دولار
((تطورو الربع صاروا يبتزون بالدولارالفنادق ماهي أحسن منهم))
قلت له 500 ليرة كافية قال لالا قلت تدري الف ومافيه غيرها(70 ريال تقريبا) قال خلاص فأعطيته وقال
سأنادي عليك بعد قليل..بعدها أدخلوني داخل التوقيف ووجدت ابوعبدالله والشباب الذين كانوا معنا بالأمن
السياسي فسلمت عليهم وقالوا لي لم نستطع الدخول على القاضي رغم أننا ننتظر هنا منذ الصباح قلت اذا
إلى أين سيأخذونا قالوا يقولون أنهم سيذهبون بنا الى السجن العام (سجن عدرا) ونعود غداً صباحا الى هنا...
مضى الوقت ولم ينادي ذلك الشرطي علي عندهاقال لي ابوعبدالله لاتقلق سينادي عليك وأخبرني أنه إتصل
على والده فلم يرد ولكنه إتصل على والدته وأطمأن على والده وأنه بخير...قلت له كم دفعت قال دفعت 200
ريال وللمعلومية أن ابوعبدالله لايوجد معه الا900 ريال وقد أعطى ايضا لأحد الشباب العراقيين 200 ريال
كمساعدة أي لم يتبقى معه الا 500 ريال وبطاقة البنك ...عظيم هذا الرجل...
بعد قليل طلبوا منا الخروج والتجمع بتوقيف آخر أصغر من هذا ووضعوا حلقات حديدية بأيدينا عندها رأيت
شرطي آخر يؤجر جواله فقلت له سأتصل قال الف ليرة قلت بل 500 قال لا ولكنه عاد بعد قليل وقال يالله
بسرعة كلم فأتصلت بأم خطاب ولما ردت علي سألتها مباشرة وقبل السلام أين أنتي ألآن فقالت أنا في بيت
أخيك بالكويت ولقد سافرت يوم الجمعه بعد مرور اربعة أيام على احتجازك وعرفت منها بعض المعلومات
سريعا وأخبرتها أني سأعود للمحكمة غداًصباحاً بعدها أغلقت الخط فإذا بالشرطي الأول ينادي علي
ويعطيني الجوال فأتصلت مرة أخرى وتحدثت لمدة ثلاث دقائق تقريبا...عرفت لاحقاً أن الجوال الذي
إتصلت به هو لسجين عراقي يحمل الجنسية الكندية كان معي بالأمن السياسي ...بمعنى أن الشرطي كان
يستخدم جوالات السجناء؟؟؟
بعدذلك صفونا طوابير طويلة وكل طابور مقيد بسلسة واحدة طويلة وأخذونا للخارج الى باصات كبيرة فلم
نجد مكان لنجلس فكنا وقوف بالباص وإتجهنا الى سجن عدرا والذي يقع بالطريق الذي يوصل للمحافظات
الشمالية وعندما تحرك الباص كنت أنظر للناس بالخارج الكل كان يسير في حاله وأفكر ياالله كم مرة
مررت من هذا المكان ولم أكن أعير تلك المحكمة أي أهتمام فهي لاتعني لي شيئ وكنت أمشي مثل هؤلاء
الناس ولعله في أحد المرات مر مثل هذا الباص بجانبي وكنت انا في حال وهم في حال آخر...
وفي الطريق للسجن العام كان الشرطي لايزال يؤجر الجوال ولما وصلنا الى سجن عدرا ودخلنا مع البوابة
فإذا هم يبنون داخل السور سجن جديد بعدها أتجهنا الى مدخل السجن فأنزلونا وطلبوا منا الجلوس على
الأرض ووزعونا على جهتين جهة للذين تمت محاكمتهم وجهه للذين لم يتسنى لهم الدخول على
القاضي ..وقالوا لنا كل واحد يخرج مامعه من بطاقات أو جواز او أي أثبات للشخصية ويسلمه
للعسكري ..كانوا كثيري الصراخ وقالوا لنا اذا دخلتم بالداخل فأي سرير تضع يدك عليه فهو لك بعدها قاموا
بإدخالنا على دفعات ينتقيها أحد الجنود بشكل عشوائي كل شخص يشير اليه الجندي يقوم ويدخل عندها
أخبرني ابوعبدالله أن بطاقة الأحوال مازالت معه ويخاف أن يعملوا له مشاكل قلت قم وأعطها للجندي فقام
وهو يشير ببطاقته فقال له الجندي ادخل وكان هذا من حسن حظه وحظي معه فلم أدخل إلا آخر شخص ولما
دخلت فإذا ابوعبدالله ممسكا بسريرين كل سرير مكون من دورين وهو يصيح بإسمي فاتجهت له فأخذت
احد الأسرة والسريرين الآخرين أعطيناهما لأثنين من العراقيين الذين كانوا معنا بالأمن السياسي وهم اشقاء ايضاً.........
كان المكان قذر بكل ماتعني الكلمة من معنى كان سريري لايوجد عليه الا بطانية واحدة ولاتستطيع النوم
عليه اصلا لأنك إذا نمت ستكون على شكل رقم 8 بسبب ميلانه الشديد جهة الرأس والأقدام اضف الى ذلك
انه حديد على شكل مربعات كبيرة ....
كان المكان ايضاً شديد البرودة وكانت رائحة دورات المياه أجلكم الله تفوح بالمكان
وكانت هناك دورتي مياة الأولى من غير باب اصلاً والثانية يوجد بها باب ولكن ثلثه السفلي غير موجود....
هذا المكان يسمى الإيداع وهو منفصل عن عنابر السجن العام قضينا تلك الليلة في جو غريب فهنا مسموح
بالتدخين والأخوة هنا لم يكذبوا خبر ومعروف عن العراقيين والسوريين أنهم يدخنون بشراهه فتشكلت عندنا
غيوم من الدخان ولكنها على الأقل أفضل من رائحة الحمام اجلكم الله
لما علمت بوجود مقصف طلبت من الشاب الأفغاني أن يأتي معي وكان لايوجد بالمقصف غير الشاي
والماء وسندوتشات مرتديلا سادة ليس لها طعم وبسكويت فأشتريت شاي وماء وسندوتشات وبسكويت لي
ولمن معي بعدها صلينا على السرير لأن الأرض كانت بمنتهى القذارة....
عرفنا هنا بمعلومة غير سعيدة وهي انه كان من بيننا في هذا المكان أشخاص لهم ثلاثة ايام يذهبون
للمحكمةصباحاً ويعودون من غير أن يستطيعوا الدخول على القاضي...؟؟
ايضاً ابوعبدالله قد تلقى خبرغير سعيد فقد ابلغوه عندما كان بالمحكمة أنهم سيحيلونه غدا للقضاء العسكري؟؟