
هــذا هــو الـفـرق بـيـن أخــوتـنـا وأخـوتـهـم
أخي الحبيب
أهلا وسهلا بك في هذا المجلس المبارك
ومع هذا الموضوع الذي قد يغيب عن أذهاننا ، بل وعن مجالسنا
لقد سبق الحديث بعنوان
[ نعم .. هي التي نريدها.. لله وفي الله ]
وها أنت تطلع الآن على حقيقة الأخوة في الله لعله يذهب عني وعنك غموض الرؤية
الحقيقية للأخوة ، فترى الفرق الواسع والبون الشاسع بين ما حققوه إخواننا الذين سبقونا
بالإيمان من معاني الأخوة الصادقة فيما بينهم ، ونرى بالمقابل ما آلت إليه الأخوة في زماننا
فنصلح الخلل ، وإلا تحقق فينا ما ثبت عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ
" إذا رزقكم الله ـ عز وجل ـ مودة امرئ مسلم فتشبثوا بها "
وكان ـ رضي الله عنه ـ يذكر الرجل من إخوانه في بعض الليل ، فيقول:
" يا طولها من ليلة ، فإذا صلى المكتوبة غدا إليه ، فإذا التقيا عانقه "
وكان ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ إذا خرج إلى أصحابه قال:
" أنتم جلاء حزني ، ولمّا أتى عمر الشام استقبله أبو عبيدة بن الجراح ، وفاض إليه ألماً
فالتزمه عمر وقبّل يده ، وجعلا يبكيان"
وقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أَحبّ إخواني إليّ إذا رأيته قَبِلَني ، وإذا غبت عنه عذرني
كان عمر يُقبّل رأس أبي بكر ، ورئي على علي ثوب كأنه يُكثر لبسه ، فقيل له فيه ، فقال:
" هذا كسانيه خليلي وصفيّي عمر ، إنّ عمر ناصح الله فنصحه الله "
ولقي الصحابي حكيم بن حزام عبدَ الله بن الزبير رضي الله عنهما بعدما قُتل الزبير فقال:
كم ترك أخي من الدّيْن؟
قال: ألفي ألف ، قال: عليّ منها ألف ألف ، ودخل رجل من أصحاب الحسن البصري عليه فوجده
نائماً على سريره ، ووجد عند رأسه سلة فيها فاكهة ففتحها فجعل يأكل منها فانتبه ، فرأى
الرجل يأكل فقال " رحمك الله ، هذا والله فعل الأخيار .
" وقال أبو خلدة دخلنا على ابن سيرين أنا وعبد الله بن عون ، فرحب بنا ، وقال:
" ما أدري كيف أتحفكم؟
كل رجل منكم في بيته خبز ولحم ، ولكن سأطعمكم شيئاً لا أراه في بيوتكم ، فجاء بشهدة ، وكان
يقطع بالسكين ويطعمنا "
وقال محمد بن واسعا خير في صحبة الأصحاب ومحادثة الإخوان إذا كانوا عبيد بطونهم ؛ لأنهم إذا
كانوا كذلك ثبّط بعضهم بعضاً عن الآخرة "
وكان بلال بن سعد الأشعري يقول:
" أخ لك كلما لقيك ذكّرك بحظك من الله خير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك دينارا "
وأخيراً : فإن ما سقته من صور الأخوة في الله من حياة سلفنا لجديرة بالتأمل ، ولعل من أسباب
الفتور الحاصل بيننا ضعف رباط الأخوة الصادقة
فأين واقعنا الذي لا يخلو من المشاحنات والخلافات والبحث عن الزلات من واقع سلفنا الصالح
ـ رضي الله عنهم ـ الذين يقولون هيا بنا نؤمن ساعة؟
وهيا بنا نبك من خشية الله ، فإن لم نجد بكاءً تباكينا علّ الله يرحمنا
وأين الفائدة العلمية ومذاكرة العلم بيننا ، مع وجود وسائل الاتصال الحديثة التي تسهّل وتحفز
للحرص على لقاء الفائدة؟
نسأل الله صلاح الأحوال والقلوب للفوز بمرضاته إنه مجيب الدعاء .
هذا وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى.