
رد : سلسلة مصطلح و معنى . الحلقة الأولى
وكلهم يبغون حكم الجاهلية ، قال الله ـ عز وجل ـ
{ أفحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون }
فإنه إما حكم الله , وإما حكم الجاهلية . ولا وسط بين الطرفين ولا بديل . .
حكم الله يقوم في الأرض ، وشريعة الله تنفذ في حياة الناس ,
ومنهج الله يقود حياة البشر . . أو أنه حكم الجاهلية , وشريعة الهوى , ومنهج العبودية . .
فأيهما يريدون ?
إن معنى الجاهلية يتحدد بهذا النص . فالجاهلية -
كما يصفها الله ويحددها قرآنه - هي حكم البشر للبشر , لأنها هي عبودية البشر للبشر , والخروج
من عبودية الله , ورفض ألوهية الله , والاعتراف في مقابل هذا الرفض بألوهية بعض البشر وبالعبودية
لهم من دون الله . .
إن الجاهلية - في ضوء هذا النص - ليست فترة من الزمان ; ولكنها وضع من الأوضاع . هذا الوضع
يوجد بالأمس , ويوجد اليوم , ويوجد غدا , فيأخذ صفة الجاهلية , المقابلة للإسلام , والمناقضة للإسلام
والناس - في أي زمان وفي أي مكان - إما أنهم يحكمون بشريعة الله - دون فتنة عن بعض منها
- ويقبلونها ويسلمون بها تسليما , فهم إذن في دين الله . وإما إنهم يحكمون بشريعة من صنع البشر
- في أي صورة من الصور - ويقبلونها فهم إذن في جاهلية ; وهم في دين من يحكمون بشريعته
وليسوا بحال في دين الله . والذي لا يبتغى حكم الله يبتغي حكم الجاهلية ; والذي يرفض شريعة
الله يقبل شريعة الجاهلية , ويعيش في الجاهلية .
وهذا مفرق الطريق , يقف الله الناس عليه . وهم بعد ذلك بالخيار !