يمثل محمد غريب الشويعر الفتى النجدي الذي لملم المجد من أطرافه والذي يحتكر الحقائق الدينية والحياتية كلها , ينظر الشويعر وغيره من الجوقة اياها الى الآخرين على أنهم أقل ( ايمانا ) و أقل ( غيرة ) و أدنى شأنا منه , وتلك النفسية ليست خاصة بالشويعر فقط بل هي في نفس كل وهابي نجدي والذي مهما تغنى بالاخوة الاسلامية وبقية الجمل, فهو في قرارة نفسه (يحتقر) الآخرين الذين انتصر عليهم أجداده وعلموهم ( التوحيد) ونقلوهم من الشرك الى الاسلام رغم أن الحقائق التاريخية تقول أن الذين تم تكفيرهم كانوا مسلمين موحدين يدل على ذلك التاريخ ويدل على ذلك مساجدهم وأسواقهم بل وعاداتهم الاجتماعية.

الأستاذة ثريا بنت سالم الشهري تلبس ذات الحجاب التي كانت تلبسه جدتها في بلاد بني شهر وفي عسير عامة , وحيث أن النجديين انتصروا فلا بد أن كل ما يقولون ويفعلون صحيح وأن الآخر على خطأ , ومن هنا انكسرت النفسية الجنوبية وأصبحت تتلقى ( الدين الجديد) من المنتصر والذي استطاع اقناعها أن كل ما كانت تفعله هو جهل وشرك حتى أصبح الجنوبي يتفاخر أنه أخرج أهل قريته من ( الجهل) و علمهم الدين الصحيح.

الحقيقة أن المسألة أعمق من هذه , ففي موضوع المرأة تحديدا استطاع الفقيه النجدي أن يلعب على الوتر القبلي ذي الحدة العالية في الجنوب حيث يعلم أبناء الجنوب مدى غيرة الجنوبي وحرصه على الشرف وعلى ألا يدنس اسمه شيء كائنا ماكان ذلك الشيء.

لم يكن يرى الجنوبي مذهبه الشافعي عيبا ولم يكن يرى أن حياته الاجتماعية عيبا , لكن الفقيه النجدي لعب على وتر ( الغيرة ) و ( العرض) .. يقول الشويعر " هل خلت بنو شهر من رجل رشيد يلي أمرها ويأخذ على يدها ويمنعها من هذا الاستهتار والسفه ؟؟!!

هنا يستحث غيرة بني شهر , ومن باب آخر يعرض بهم وهو أمر موجود في اللاوعي النجدي يتحدث عن آساطير عن الجنوب نستحي من ذكرها وان كانت معلومة , حتى يعزو بعضهم سبب وسامةأهل الجنوب وبياض بشرتهم الى أسباب يستحي الفاسق فضلا عن المؤمن ذكرها.

ولذلك قام الجنوبي بتغيير حجاب نسائه حتى لا يتكلم عليه النجدي وألا يزايد على غيرته , بل قام الجنوبي بتطبيق كل التعاليم الدينية النجدية وزايد بعضهم حتى قام يعلن تاريخه ويسب أهله ويحمد الله أن أرسل تلك الرسل من نجد والتي أخرجته من الظلمات الى النور.

أصبح الجنوبي ينتظر الثناء وكلمة الشكر من شيخه النجدي لكن الحقائق تقول أن الذي لا يحترم تاريخه , لا يتوقع من الآخرين أن يحترموه , ولهذا ظلت الاشاعات هي ذاتها , والنظرة اليه نظرة احتقار , طبعا البعض سيقول " هناك مشايخ من الجنوب و و و الخ" , الحقيقة هي أن نظرة الاحتقار هي هي لم تتغير , والحقيقة الأخرى أن كل المناصب الدينية والقضائية العليا وغيرها لم ينل منها الجنوبي شيئا .

هذا النموذج التي تهجم على ثريا الشهري كان سيتهجم على جداتنا وقبائلنا لو ظللنا على نفس المذهب ,

الأستاذة ثريا أرسلت لها ايميلا قديما سألتها هل هي من بني شهر ؟

قالت لي " أخي الكريم نعم أنا شهرية وأفتخر بجدتي التي كانت تلبس نفس حجابي" في اشارة منها للاجابة على سؤالي الحقيقي " هل مازال في الجنوب مثلك" .


لا نريد الخوض في التفصيلات الفقهية وغيرها , انما الحقيقة أن المسألة ليست فقهية أو تعبدية بل مسألة ثقافية وحضارية ونفسانية يظهر من خلالها نظرة هذا الشاب الى الآخر المختلف عنه .

فعلا الجنوب في أزمة هوية لا سابق لها , والله هو المنجي .