عرض مشاركة واحدة
قديم 19-08-2008, 10:35 AM
  #1
سعيد آل حازب
عضو نشيط
تاريخ التسجيل: May 2006
المشاركات: 249
سعيد آل حازب is just really niceسعيد آل حازب is just really niceسعيد آل حازب is just really niceسعيد آل حازب is just really nice
افتراضي استحقاقات ما بعد حرب القوقاز.. الدب حينما يهز مخلبه

أتمنى قرأت هذا المقال بإستيعاب لأن اللغة التي كتب بها غير عالية جدا وتحوي كثير من الحقائق والتوقعات المستقبلية لقضية قد يظنها البعض هينة كما هي في الواقع لكن الذي ينظر إلى تداعياتها على المستوى الدولي سيجد عكس ذلك، لا أطيل عليكم وأترككم مع المقال.



(وضعت الحرب في القوقاز بين روسيا وجورجيا، والتي كان مسرحها أوسيتيا الجنوبية، أوزارها بعد خمسة أيام من القصف المتبادل؛ انتهى عسكريًا لصالح القوات الروسية لفارق الخبرة والقوة بين البلدين, ولكنه خلّف من ورائه جملة من الاستحقاقات السياسية.



فروسيا التي حققت كل أهدافها من التدخل العسكري؛ ردًا على العدوان الجورجي على أوسيتيا الجنوبية لن تتراجع عن محاولة جني الثمار، وتحويل هذا الانتصار العسكري على جورجيا المتواضعة عسكريًا إلى لغة سياسية.


فهي قد برهنت للجميع على المستوى العسكري, جاهزيتها للتحرك في كل وقت, وقدرتها على ردع الخصوم والدفاع عن مصالحها الحيوية في الفضاء الجغرافي، الذي خلفه انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع التسعينيات.


كما أثبتت أن إرادتها السياسية في اتخاذ القرارات المصيرية والحاسمة, لا تقل قوة, عن عزيمتها العسكرية, وأن ثمة توافقًا داخل الهرم السياسي ذاته, يلقى تأييدًا واستجابة من قِبل المؤسسة العسكرية القادرة على ترجمة الإرادات السياسية إلى وقائع عملية.



استحقاقات ما بعد حرب القوقاز



وعلى مستوى الاستحقاقات السياسية المقبلة التي خلفتها حرب الخمسة أيام القوقازية؛ فلعل أهمها الآتي:

أولاً:ـ انتقلت روسيا بهذه المعركة القصيرة من مرحلة التفاعل مع الأمر الواقع الذي تفرضه القوى الغربية, ومحاولة التقليل من أضراره عليها جغرافيًا وسياسيًا وعسكريًا, إلى محاولة تغيير هذا الواقع ولو بالقوة العسكرية، طالما أنه يمس المصالح الحيوية والاستراتيجية للبلاد؛ وهو الأمر الذي قد يفتح الشهية الروسية على التلويح بهذه الآلة ما بقيت تهديدات مماثلة قابلة للتحقيق, وقد ينعكس ذلك على محاولات الولايات المتحدة حك أنف الدب الروسي من خلال العبث بالدول التي ترى روسيا الوجود الأمريكي فيها تهديدًا لمصالحها وأمنها.

فروسيا بهذا الانتصار العسكري، ستحاول أن تفرض نفسها حكمًا على ما يجري في منطقة القوقاز, ولن تقبل مستقبلاً بما يهدد مصالحها الحيوية.



ثانيًا:ـ تكريس استقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا، بعد السيطرة العسكرية الروسية وطرد القوات الجورجية منهما, وهو ما قد يشكل خطوة في طريق ضم الإقليمين إلى روسيا, أو على الأقل قد تسعى روسيا في الإطار التفاوضي الذي أعقب انتهاء الحرب, مستغلة انتصارها العسكري, وعدم قدرة حلفاء جورجيا (الولايات المتحدة وأوروبا) على دعمها إلى إيجاد غطاء عسكري دائم على الإقليمين, يقلل من قدرة جورجيا على التفكير فيهما أو في القيام بمغامرات أخرى على الأقل في الفترة القريبة, ويجعل منهما محميتين روسيتين على الدوام.


ثالثا:ـ عرقلة مشروع توسيع حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقًا بضم الجمهوريات السوفيتية السابقة, خاصة جورجيا؛ لأن لا أوروبا, ولا الولايات المتحدة راغبة أو قادرة على مواجهة مباشرة, مع روسيا, ومن شأن قبول جورجيا في الحلف أن يفرض على الأعضاء فيه ضرورة المساهمة العسكرية في حال تجدد النزاع مستقبلاً, وهو ما قد تسعى جورجيا إليه, بتوريط الناتو لاستعادة, على الأقل, الوضع الذي كان قائمًا قبل نشوب هذه الحرب، التي أبعدت عن يدها أقاليمها الانفصالية.



رابعا:ـ الولايات المتحدة استخدمت جورجيا كمخلب قط لاستفزاز الروس، وبيان المدى الذي يمكن أن تذهب إليه قيادة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ورئيس وزرائه فلاديمير بوتين, ولكنها تركت هذه الدولة محدودة الإمكانيات تواجه مصيرها في مواجهة الآلة العسكرية الروسية, دون تدخل إلا على مستوى التهديد والخطب والتحرك الخجول في مجلس الأمن, وغيره من المؤسسات الدولية والإقليمية, وهو ما قد يفرض على جورجيا وغيرها من الدول التي تسعى لصداقة دائمة مع الولايات المتحدة والغرب على حساب علاقتها مع روسيا إلى إعادة حسابها مجددًا, على ضوء التخاذل الأمريكي والأوروبي عن دعمها وقت الضرورة, وانكشاف حجمها وقوتها الحقيقيين أمام مخالب الدب الروسي الشرس.



خامسا:ـ الأمر مرشح بقوة في جورجيا لتغيرات سياسية قد تغيّر إلى حد كبير من توجهات البلاد في المرحلة المقبلة؛ كون المعارضة للرئيس الحالي ميخائيل ساكاشفيللي، ستطالب بعد هدوء العاصفة برقبته؛ لأنه أدخل البلاد في أتون حرب غير محسوبة تسببت في أضرار هائلة بالبلاد, وأضاعت حلمها بالسيطرة على أقاليمها الانفصالية.

وربما يدعم هذا التغيير إصرار روسيا على رفض التعامل مع الرئيس الجورجي الحالي, ومن ثم فقد تسعى من قنواتها الخلفية لدعم المعارضة لإسقاطه سواء بالطريق القسري أو بالانتخابات المبكرة.

سادسا:ـ التغيرات الدراماتيكية في القوقاز, وكونها منطقة قابلة للاشتعال, مع رغبة روسيا في استعادة مجدها الضائع في هذه المنطقة, سيجعل الجزء الأكبر من اهتمام الولايات المتحدة متجهًا ناحية هذه البؤرة المتوترة, وهو ما قد يقود إلى صدامات خفية بين الطرفين في استعادة لذاكرة الحرب الباردة على نحو أكثر حرارة مما مضى, وهو ما قد يعني أن المنطقة العربية يمكنها مجددًا الاستفادة من هذه المستجدات, لا سيما بعد السخط الروسي على الدور الذي لعبته "إسرائيل" في دعم جورجيا عسكريًا؛ ومن ثَم استعدادها للتعاون مع دول المنطقة, على المستوى العسكري لرد الصفعات الإسرائيلية, وما على العرب إلا استغلال الظرف الزمني المتاح حاليًا, وألا يركنوا إلى الحليف الأمريكي.



الموقف الأمريكي من التغيرات الجارية في القوقاز



وإزاء هذه التغيرات السياسية المتوقعة في القوقاز, وغيرها, والتي تصب في صالح روسيا الطامحة لأدوار عالمية تليق بمكانتها ونفوذها يأتي التساؤل عما يمكن أن تقدم عليه الولايات المتحدة لمواجهة هذا الصعود الروسي, ومحاولة استعادة أدواره في الفناء القريب.



سياسية الولايات المتحدة تنطلق كما هو معروف من برجماتية واضحة, بدت بارزة في تعاملها مع الأزمة التي دفعت فيها حليفتها جورجيا, وبنظرة مستقبلية, فإن موقف الولايات المتحدة سيكون على محورين اثنين:



الأول: في المدى القريب
الولايات المتحدة ستجد نفسها في حاجة ماسة إلى الاعتماد على الدور الروسي بشأن العديد من القضايا ذات الأهمية المطلقة على الساحة الدولية خاصة الأزمة الإيرانية, ومن ثم فلن يمكنها المجازفة بخسارة الدور الروسي إزاء هذه القضايا المهمة، حتى لو كان الثمن هو عدم الوفاء بمقتضيات الدفاع عن حليفتها جورجيا, أو غيرها من دول المنطقة, وهذا لا يتعارض مع جملة من الأدوار والتحركات الدبلوماسية التي قد تسعى إليها خلال الفترة القادمة, حتى لا تبدو وكأنها تخلت عن دعم الحلفاء بصورة كلية.



الثاني: في المدى الاستراتيجي
ستقوم الولايات المتحدة بممارسة أدوارها المعتادة في الحرب الباردة, وستستعير آليات تلك الحرب, ومحاولة حصار الدب في منتجعه الشتوي, ولن تترك له فرصة سهلة للوصول إلى مستوى المنافسة والتقاسم على المكانة الدولية كما كان الحال في الحقبة ثنائية القطبية, وهو ما يعني أنها لن تترك الفضاء الروسي, ولن تتخلى عن أدوارها هناك, ولكنها قد تلجأ إلى تكتيكات مختلفة لا تطعن في أصل التوجه الاستراتيجي العام.


أي أن هذه المنطقة من العالم ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات, ومرشحة في الحقبة القادمة لكثير من الصدامات, فلن يرضى الدب بهذا القفص الحديدي، وستسعى أمريكا لتحصينه وإحكام غلقه جيدًا.

عصام زيدان

http://www.shareah.com/index.php?/re...view/id/1359/)
سعيد آل حازب غير متواجد حالياً