
اليامي البطل!
الخميس 3 جمادى الأولى 1429هـ الموافق 8 مايو 2008م العدد (2778) السنة الثامنة
كتاب اليوم
تركي الدخيل
اليامي البطل!
ما زالت قصاصة الخبر في ذهني، فهي تشير إلى وجه جميل من وجوهنا في الخارج.
إنها تتحدث عن السعودي النقي، في أبرز تجلياته... في أبسطها... دون رتوش أو تزويق، أو حملات بروبقندا، أو تجييش الإعلام، ومحاولات التزويق التي تظهر الوجه مليئاً بالأصباغ دون أن تخفي هذه الأصباغ البثور التي تدعو إلى الشفقة.
إنها قصة حمد فرج منجم اليامي الطالب السعودي المبتعث إلى ولاية أوكلاهوما الأميركية، عندما أنقذ عائلة أميركية من الموت إثر اندلاع النيران في منزل العائلة، وإخراج حمد رجلاً مسناً من لهيب النيران، قبل أن تصل فرق الإنقاذ لإخماد الحريق.
صيحات الاستغاثة التي كانت تصل أذن حمد اليامي من منزل جيرانه كانت بعد منتصف الليل، وفي الثالثة فجراً، استفزته ليخرج من منزله بغية معرفة مصدر الصوت، فوجد الدخان الكثيف ينبعث من منزل قريب، وسيدة عجوز تتحدث بكلام غير مفهوم وتشير إلى مكان الحريق. كسر وجهنا الجميل، حمد اليامي، زجاج النافذة ليجد مسناً عجز عن مكافحة النيران والدخان، فانبعث في وسط الموت ليخرج الرجل. دائرة الإطفاء منحت حمد ميدالية الشجاعة تكريماً له، كما نشر الزميل صالح آل حيدر في الوطن قبل أيام.
سألت صالح عن حمد، فأخبرني أن هذا السلوك ليس غريباً عليه، فالفزعة جزء من طبعه، فقد اتصل به أحد الطلبة السعوديين يسأل عن سكن في مدينته، لما هم بالانتقال إليها، فرفض حمد أن يسكن الطالب الذي لا يعرفه من قبل، إلا في بيته.
الشاب الذي يبلغ 33 عاماً من العمر، لا يزال يدرس البكالوريوس، والسبب أنه تفرغ لمرافقة والدته للعلاج في الخارج، حتى عاد فانخرط في عمل يؤمن فيه دخلاً له ولأسرته، حتى لاحت له فرصة بعثة دراسية، فعاد إلى صفوف الدراسة. وهو يدرس الآن في تخصص إدارة المطارات. صحيح أنه لا فضل لنا في بر أمهاتنا، لكن من يقوم بهذا الدور، يؤكد أصالته.
يقول زملاؤه إن (فزعة) حمد اليامي لا تخضع لتصنيفات المنطقة أو القبيلة أو المذهب، وأقول: من ينقذ جاراً أمريكياً مسناً من وسط النيران، ويبر بأمه، فأصالته وطيبته مستعصيتان على العنصريات...
هل رأيتم المطر يوماً يهطل على بيت دون آخر؟!