صيانة الإنسان...
نحن ندرك جليا أن لفظ كلمة الصيانة ارتبطت بالأشياء المادية فقط
فالزمن تلك القوة التدميرية إن طال الأشياء لا يبقي ولا يذر ..
طبيعة المادة تفني وتتلف بطبيعة الاستعمال
و تفنى أيضا بطبيعة الهجر والإهمال ...
أنظر السيارة تشتريها جديدة
وإذا بدأت استخدامها الفيت
قطعها تتلف واحدة تلو أخرى ...
فإذا لم تتعهدها بالرعاية والصيانة خسرتها في وقت
وجيز ؛ والحال نفسه ينطبق على البيت الجديد و الأثاث
والأدوات وغيرها من الأشياء القابلة لتلف والخراب ...
وهنا ينطبق على الوطن ؛ إذا لم تسهر على حمايته
وتذود عن حماه فسيتعرض للنهب والسرقة والاستيلاء
من قبل الغريب ويضيع منك وتضيع معه هويتك ..
كل هذه الأشياء وأمثالها يستطيع العقل أن يفهم كيف
حاجتها للصيانة ؛ ولكن هناك ما هو أمس حاجة
وأشد خطورة ...
هو صيانة الإنسان وعلاقاته البشرية ؛
فالإنسان مثله مثل غيره من الأشياء بل أشد خطورة وأكثرهم أهمية ..
إذا يجب أن نتعهده بالمراقبة والتقييم ؛ والرعاية والتهذيب تارة بالتربية
وأخرى بالتعليم ..
فالجسم وما يحتويه بحاجة إلى صيانة مستمرة عن طريق فحصه ومعالجته
وتغذيته وترويض عضلاته بممارسته الرياضة...
والعقل وما يفكر بحاجة إلى صيانة دورية ومهارة فائقة لما يحويه هذا الكائن
من مناشط ذات مدلولات بشرية وسلوكية ...
والروح وتموجاته بحاجة إلى صيانة مستمرة عن طريق تهذيبه بالعبادات
وتذوق الأدب الرفيع ، والإحساس بالجمال الروحي والجمال الطبيعي ...
ولعل أهم من ذلك كله صيانة العلاقات الإنسانية التي يقيمها الناس مع
غيره من الناس ...
فالعلاقات الإنسانية شيء جميل ؛ بل عزيز وثمين ؛
فإن لم نصونها خسرناها وخسرنا أنفسنا ..
وصيانتها تعني تغذيتها بالمحبة ونرفدها بالإخلاص ونتوجها بالوفاء ..
إذا علينا أن نقي أنفسنا من الغربة النفسية والتدهور والضياع ....
ودمتم بود ..
د/ أفنان نظير ( بتصريف )