
يا تلحق... يا ما تلحق!
الاثنين 19 محرم 1429هـ الموافق 28 يناير 2008م العدد (2677) السنة الثامنة
كتاب اليوم
تركي الدخيل
يا تلحق... يا ما تلحق!
أصدقكم، بداية، أني أكتب هذا المقال لكم، وأوجهه في المقام الأول إلى نفسي، وليس إلى أحد قبلي.
الفكرة بسيطة، وخطيرة، ومقلقة في نفس الوقت!
فمن أدرك والديه، فهو يعيش سعادة لا تدانيها سعادة، ولا ينافسه عليها أحد.
إن من أدرك والديه، أحدهما أو كليهما، ولم يدخل بهما الجنة براً وتذللاً وخدمة لهما فهو مسكين سيندم بعد رحيل أحدهما أو رحيلهما جميعاً، على عدم استغلاله للحظات التي كان يجب عليه أن يغتنمها، ولم يفعل!
فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم"دخلت الجنة فسمعت قراءة فقلت: من هذا؟ فقيل: حارثة بن النعمان. فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: كذلكم البر" وكان حارثة باراً بأمه. أليس الله تعالى يقول (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) وفي سورة العنكبوت قوله تعالى(ووصينا الإنسان بوالديه حُسناً).
فيا من أدركتم والداً أو والدةً أو كليهما، لا تضيعوا اللحظات، ولا السكنات، دون أن تتمتعوا بعناقهما وتقبيلهما والانطراح عند أقدامهما وتقبيل أيديهما وأرجلهما، والصبر على ما يقولانه، حتى لو كان يبدو غريباً أو غير مقبول في منطقنا!
أين نحن من علي بن الحسين رضي الله عنهما، عندما قيل له إنك من أبر الناس بأمك، ومع ذلك لا تأكل معها في صحفة؟! فقال: أخاف أن تسبق يدي يدها إلى ما تسبق إليه عيناها فأكون قد عققتها.
جاء رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، إن أمي قد بلغت من الكبر عتيا، وأنا أقوم على خدمتها، أطعمها وأسقيها وأسترها وأكسوها، أفأكون قد وفيتها حقها؟ فقال له الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ"لا، لن تستطيع أن توفيها حقها مهما صنعت بها" فقال الرجل: ولم يا رسول الله؟ فقال له الحبيب ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "لأنها كانت تخدمك وأنت صغير وتتمنى لك البقاء، أما أنت فتخدمها وهي كبيرة وتتمنى لها الفناء"!
اللهم إني أسألك هذا الصباح وكل صباح أن ترزقنا بر والدينا أحياء وأمواتاً وأن تمتعنا بهم وأن تلطف بالمريض منهم وأن ترحم ضعفنا وضعفهم