وداعاً أبي الحبيب...
وداعاً أبي الحبيب
ما أصعب الفراق عندما تؤمل اللقاء وتنتظره بكل شوق..!!
تعد الأيام عداً ليقدم ذلك الغائب القريب..
فإذا بهادم اللذات ومفرق الجماعات يسبقك إليه فيحول بينك وبين اللقاء ...
هذا كان حالنا عندما فجعنا برحيل أبي الحبيب /
محمد بن عبدالعزيز العريفي . ( أبو نادر )
لقد رحل يوم الاثنين 26/1/1426هـ وكان يعللنا باللقاء...!!
كان في أحسن حال بعد زراعته الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية..
كان يتصل بنا ويخبرنا أنها أيام ويأتي ونلتقي به ...
فأخذنا من الشوق نحسب الأيام والساعات متى سيأتي شهر ذي الحجة؟؟.. لا .. بل شهر الله المحرم.. ولم نعلم أن القدر يختبئ لنا..
نعم لقد جاءنا كما وعدنا في شهر محرم... ؛ لكنه جاءنا مسجى وقد فاضت روحه إلى باريها ، لقد استقبلناه ولكنه جسد بلا روح ...!!
لحظات مرت لم أكن أتوقع أن أعيشها..!! إنها لحظة التوديع إلى الدار الآخرة...
أبي الغالي (رحمك الله)...
إن كان قد واراك التراب وفارقت الأهل والأحباب.. فإنك تعيش معنا في كل يوم....
نراك في كل مكان من البيت...
نتذكر كلماتك ونصائحك التي لا تنسى ..
لقد كنت أباً حنوناً مشفقاً...
وإني لأحمد الله أنني تربيت في حياتك لأغترف من معين نصحك وتوجيهك في كل شيء في الدراسة والعمل والتربية وغيرها من شئون الحياة ، لقد كنت حريصاً أن نكون على قدر المسئولية وعلى درجة من العلم والمكانة العلمية والاجتماعية ...
كنت تربوياً فذاً .. تعامل كل فرد من أبنائك بما يناسبه..
فغرست فينا الإيثار.. وحب الخير.. والسخاء.. كما بغضت إلينا البخل.. والتكبر.. والأنانية..
كنت أخلاقاً جمة تسير على أقدام المحبة والوفاء ..
كنت موسوعة في الدين واللغة والأدب والشعر وأخبار العرب وتاريخ المنطقة وعلم الأنساب ..
رحمك الله يا أبي....
فإني لأعزي فيك نفسي.. ووالديك وإخوتك وأخواتك .. وإخوتي وأخواتي .. وزوجاتك .. وأصدقائك وزملائك ..
عندما كنت معلماً فمديراً لمدرسة مزعل بمحافظة القويعية
فمديراً للشئون التعليمية بإدارة التعليم للبنين بالقويعية..
فنائباً للمدير..
ثم مديراً لقسم الإحصاء ...
.فعضواً بمجلس المحافظة..
ورفقائك في رحلاتك .. بل أعزي فيك كل عائلة العريفي .. بل المحافظة حيث أنها فقدت ابنا باراً.. وعقلاً راجحاً .. ورأياً رشيداً سديداً..
فوالله يا أبي لو أن الحياة توهب لوهبناها لك .. ولو أنها تشترى لاشتريناها لك.. ؛ لكنه الموت الذي لا مفر منه (كل نفس ذائقة الموت)
والله أسأل أن يحسن عزاءنا فيك وأن يجبر مصابنا وأن يجمعنا بك في فردوسه الأعلى إنه ولي ذلك والقادر عليه..
فلا يزال جرح فقدك ينزف أسى..
تزيده الذكرى ألماً وحزنا....
ما أبهى ذلك الجبين عندما قبلناه مودعين له الوداع الأخير...
أبي غفر الله لك...
لقد توشحنا ثياب اليتم بعدك..
وأصبحت الحياة كئيبة بمغادرتك..
البيت هو البيت ؛ لكنه بلا نور ولا رونق..
ما أقسى الحياة بلا أب...
يشاطرك آمالك وآلامك..
فمن كان والده على قيد الحياة... اغترف من معين نصحه واسترشد برأيه... وإن لم يكن فلتستمتع وتتعبد بالنظر إليه .. وتقبيل يديه.. فإنك ستفقده يوماً ما...وحينها ستندم على كل لحظة لم تجلسها معه..!!!
إلى أخي الصغير ....
كلما نظرت إلى وجهك البريء الذي اعتراه شحوب اليتم..
اعتصرني الألم لأنك لم تستمتع بأبي ..
ونحن نبكي وأنت تضحك لأنك لم تعرفه كما عرفناه...
موقف آلمنا جميعاً...
فرحمك الله يا أبي رحمة واسعة ، وجعلك عند الفزع من الآمنين،، وآتاك كتابك باليمين،، وحشرك في زمرة الأنبياء والصالحين ،، برحمتك يا أرحم الراحمين.. وجميع موتى المسلمين...
وداعاً أبي الحبيب ....
وتقبلوا تحيتي
أخوكم / العريفي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة العريفي الخالدي ; 17-10-2007 الساعة 08:42 PM