عرض مشاركة واحدة
قديم 27-03-2005, 02:17 PM
  #2
عاشق الوطن
إدارة المجالس
تاريخ التسجيل: Jul 2004
المشاركات: 3,693
عاشق الوطن has a reputation beyond reputeعاشق الوطن has a reputation beyond reputeعاشق الوطن has a reputation beyond reputeعاشق الوطن has a reputation beyond reputeعاشق الوطن has a reputation beyond reputeعاشق الوطن has a reputation beyond reputeعاشق الوطن has a reputation beyond reputeعاشق الوطن has a reputation beyond reputeعاشق الوطن has a reputation beyond reputeعاشق الوطن has a reputation beyond reputeعاشق الوطن has a reputation beyond repute
افتراضي

ايه الاخوه المهتمين بشأن البطاله ونعدام فرص التوظيف امام الشباب
فيما يلي تكملة كلمة الدكتور غازي القصيبي


قلت هذا في بيان أصدرته بُعيد تكليفي بأعباء وزارة العمل . قلتُ بالحرف الواحد : إن وزارة العمل سوف تعمد على الفور إلى إنقاص سقف العمالة الوافدة بشكل ملموس ، وعلى نحو منهجي متدرج لا يضر بالتنمية ، ويأخذ حاجات القطاع الخاص الحقيقية بعين الإعتبار ، وترجو الوزارة من الجميع أن يحصروا طلباتهم من العمالة الوافدة في أضيق حد ممكن ، حيث أنها لن تصدر تأشيرات العمالة إلا عند وجود حاجة فعلية تقتضي ذلك .
لم يكن ما قلته ، وقتها ، صادراً عن خيال واسع و لا عن فوضى خلاّفة ولا عن تفاؤل مفرط ، ولكنه كان يمثل الحقيقية لا كما أراها فحسب ، ولكن كما جسدتها قرارات ودراسات وندوات ولقاءات وتوصيات متتابعة عبر السنين. كنت أحسبني وقتها أتحدث عن إجماع وطني شامل كاسح لا يشذ عنه أحد .
بعد أسابيع قليلة من إصدار البيان ، بعد أن تبينت الجدية في تنفيذ ما جاء فيه ، أدركتُ أن ما كنت أتصوره إجماعاً كاملاً كان في الحقيقة إجماعاً ناقصاً . سرعان ما أرتفعت أصوات هنا وهناك تقول إن الإستقدام لا علاقة له من بعيد أو قريب بمشكلة البطالة . وفي لقاء بعد لقاء ، نصحني من نصح أن أدع الإستقدام وشأنه ، ولولا الحياء لطلب مني الناصحون ألاّ أتدخل فيما لا يعنيني فألقي ما لا يرضيني . وفي مقال بعد مقال كتب الكاتبون والكاتبات ، مسلحين ومسلحات بحرف الألف أو بحرف الدال أو بسلاح الدمار الشامل الألف التي تعقبها الدال ، يردّدون النصيحة ذاتها: لا تتدخل في الإستقدام وعالج البطالة كما يروق لك . حسناً ! وصلنا إلى مربط الفرس . لا يمكنني أن أدع الإستقدام وشأنه وأن أحارب البطالة في الوقت نفسه . هنا خيار لا خيار فيه: إما إيقاف الطوفان العمّالي الأجنبي وإما تحول تيّار العاطلين السعوديين إلى طوفان.
أتوجه إليكم ، معشر الإقتصاديين ، بسؤال يخص مشكلة اقتصادية في جوهرها: هل يمكن أن نترك حبل الإستقدام على الغارب ونتوقع أن تتحسن أوضاع البطالة ؟ وأضيف : هل تعرفون دولة واحدة في العالم كلّه ، خارج الخليج، تترك أبواب الإستقدام مفتوحة على مصراعيها ؟ وأضيف : هل يوجد في التاريخ كله ، في أي مكان من الدنيا كلها ، دولة تطفئ النار بالبترول ، دولة تتحدث عن البطالة بين مواطنيها وترحّب بملايين الوافدين ؟
وعندما أقول أن هنا مربط الفرس فإنني أقصد ، تماماً ، ما أقوله . لكل استراتيجية ، كما لكل كائن حي ، قلب ، وأجزاء رئيسية وأجزاء فرعية - وشأن استراتيجية مقاومة البطالة في هذا شأن بقية الإستراتيجيات . بوضوح ما بعده وضوح ، أقول لكم إن قلب الإستراتيجية التي تتبناها وزارة العمل لتوظيف السعوديين هي خفض الإستقدام وخفضه على نجو واضح ملموس . وبوضوح ما بعده وضوح ، أقول أنه لو توقف قلب الإستراتيجية عن النبض فلن تستطيع بقية الأجزاء , رئيسية كانت أو فرعية ، إلا أن تتخشب شأن الأشياء الميتة كلها .
ولعلنا نعثر هنا ، على جواب السؤال الذي حيّر البريه - أو على أقل تقدير ، حير عدداً من كتاب الأعمدة الصحفية وكاتباتها ، لماذا فشلت قرارات السعودة عبر السنين في القضاء على البطالة ؟ الجواب بسيط ، وأستغرب أن الكثير ممن احترمهم واحترم عقولهم ، لا يزالون يبحثون في القضاء على البطالة لأن الشرط الأساسي لنجاحها ، وهو خفض الإستقدام ، لم يتحقق . شأننا مع السعودة شأن من يدعو جائعاً نهماً إلى مائدة حافلة بما لذ وطاب من طعام وشراب ثم ينصحه بعدم الأكل منها . وأرجو ان تسمحوا لي ، للمرة الأولى والأخيرة ، أن استشهد ببيت من الشعر ، وعذري أن هناك ما يجمع بين الإقتصاد والشعر ، ألا وهو الكآبة – فقد سمي الإقتصاد " العلم الكئيب " ووصف الشاعر الشهير ديلون توماس الشعر بأنها " مهنته الكئيبة " يقول البيت :
ألقاه في اليم مكتوفاً .. وقال له :
إياك .. إياك أن تبتل بالماء
ألقينا رجل الأعمال في خضم الإستقدام المتلاطم ثم حذرناه من التورّط في توظيف الأجانب . أتوقع منكم ، معشر الإقتصاديين ، جواباً واضحاً وضوح الشمس حول هذه المسألة : مسألة الإستقدام والبطالة . وأرجو ألا أخرج من هنا، وأنا استذكر قصة الرئيس هاري ترومان ، طلب الرئيس من مساعديه أن يبحثوا له عن اقتصادي بيد واحدة وعندما سئل عن السبب قال : كل اقتصادي أستشيره يقول لي " هنا الحل في هذه اليد " ، ويمّد يده . ولكنه سرعان ما يضيف " ولكن من الأفضل ، أيضاً ، تجربة هذا الحل في هذه اليد " ويمد الأيد الأخرى.
وهنا أرجو أن تسمحوا لي أن أتوقف لحظة لأقول أنني أدرك ، ربما أكثر من أي إنسان آخر في المملكة ، أن فترة الطفرة أوجدت شريحة كبيرة من المواطنين ، أكبر مما يتصور أي إنسان آخر في المملكة ، من المنتفعين بالإستقدام ، هذه الشريحة قد رتبت أمورها وسوّت أوضاعها على أساس أن الوضع القائم ، أي الإستقدام بلا حدود أو قيود ، سوف يستمر إلى الأبد . وهذه الشريحة سواء كانت تطلب العمالة الوافدة لغرض مشروع ، كإدارة مصنع أو مشروع أو غرض مشبوه ، كالتستر والمتاجرة بالبشر ، غير مستعدة ، على الإطلاق ، أن تقتنع بمنطق يتعارض مع منطق مصالحها . وأود أن أذكركم وأذكر نفسي قبلكم ، أن لصاحب المصلحة المشروعة الحق في الدفاع عنها ، ولكن هذا الحق لا يجب أن يعطي لأصحاب المصالح المشبوهة ، كما أحب ان أذكركم ، وأذكر نفسي قبلكم ، أن المصلحة الخاصة ، سواء كانت مشروعة أو مشبوهة ، لا ينبغي ان تختلط في أذهان صانعي القرار بالمصلحة العامة . إن وجود مصالح خاصة شيء مقبول ، إلا أن وضعها فوق مصالح الوطن العليا أمر مرفوض . إن كثيراً من النقاش الدائر الآن ، ولا أقول كله ، هو حديث مصالح خاصة تحاول أن تتكلم بأسم المصلحة العامة . ولكي يثمر النقاش فلا بد من تفرقة واضحة حاسمة بين مصلحة خاصة، متنكرة في زي غير زيها وبين مصلحة عامة حقيقية . قال مسؤول أمريكي سابق جملة احتفظ بها التاريخ ضمن السخافات المضحكة هي : " كل ما يصلح لجنرال موتورز يصلح للولايات المتحدة " . ولا أود أن يسجل التاريخ السعودي جملة مماثلة تقول : " كل ما يصلح لعشاق التأشيرات يصلح للمملكة " .
قلت إن خفض الإستقدام بهدف رفع تكلفة العامل الوافد هو قلب الإستراتيجية ويمكنني ، الآن ، أن أعرج على بقية أجزاء الإستراتيجية . مع خفض الإستقدام ،ورفع تكلفة الوافد ، يجب أن يكون هناك تدريب فعّال للسعوديين ، تدريب تقوم به الدولة ويقوم به القطاع الخاص ، ويتمشى مع متطلبات السوق . ومع خفض الإستقدام ورفع تكلفة العامل الوافد ، لابد أن تشهد البلاد نمواً اقتصادياً حقيقياً يخلق وظائف جديدة للقادمين السعوديين الجدد إلى سوق العمل كل عام . ومع خفض الإستقدام ورفع تكلفة العامل الوافد ، لا بد ان نعيد إلى الشباب السعودي ثقافة العمل التي تعرضت لأزمة حقيقية خلال الطفرةوبعدها . ومع خفض الإستقدام ورفع تكلفة العامل الوافد ، لابد من إيجاد بيئة العمل المناسبة للعامل السعودي ، بدءاً بالراتب المتناسب وإنتهاء بالأمان الوظيفي .
هذه أجزاء هامة وأساسية في الإستراتيجية ولكنني احذركم من الإعتقاد أنها يمكن أن تنجح بدون قلب الإستراتيجية . حتى عندما يصل الشباب السعودي إلى أعلى مراحل التدريب فإننا سنجد عاملاً وافداً بالتدريب نفسه وثلث التكلفة . وحتى عندما ينتج النمو الإقتصادي مئات الالآف من الفرص فإنها ستذهب إلى العمالة الوافد كما حدث لدينا في المملكة ( ولعل هذه هو المكان المناسب لأقول ان على من يردي الحقائق والأمثلة والأرقام عن هذه النقطة أو غيرها من النقاط الواردة في الحديث أن يرجع إلى كتاب الزميل الدكتور عبد الواحد الحميد " السعودة أو الطوفان " وقد سمحت لنفسي بالتصرف في الكتاب تصرف المالك في ملكه آخذاً بالمقولة الوزارية المأثورة " الوكيل وماله لوزيره ") وحتى عندما نوجد ثقافة العمل عند كل شاب سعودي فإننا لن نستطيع ، ولا ينبغي أن نحاول ، أن نخضعه لشروط العمل المجحفه التي يخضع لها العامل الوافد تحت ضغط الحاجة القاهرة ، ولشروط العمل المجحفة هذه حديث طويل مرير ليس هذا مكانه .
أما عن بيئة العمل المناسبة للعامل السعودي فمن المحال توفيرها والمكان يكتظ برؤساء وافدين يرون في وجود العامل السعودي سبباً لإنتهاء وجودهم ، ويتصرفون على هذا الأساس .
على أنه إذا كان قلب المشكلة يتطلب الإجماع حوله ، فالتفاصيل تقبل النقاش ، بل وتتطلب النقاش . لنا أن نتساءل هل يكفي خفض الإستقدام لرفع تكلفة العامل الوافد ، أم لابد من رفع رسوم الإستقدام ؟ وفي هذا المجال أو د أن أشير إلى المشروع الجريء الذي طرحه سمو ولي عهد البحرين مؤخراً لإصلاح سوق العمل ويقضي بفرض رسوم تعادل 2500 ريال على كل عامل وافد شهرياً ولا أقول سنوياً ، ومن الواضح أن هذا المشروع هو نذير الأشياء المقبلة في الخليج، وهو مشروع يستهدف الأخذ بمزايا الحد الأدنى للأجور وتجنب سلبياته . ولنا أن نتساءل عن وضع العمال الوافدين الذين لا يمكن أن يحل محلهم سعوديون وكيف يرشد استقدامهم . وينبغي لنا البحث عن الوسيلة الملائمة العادلة لحصول المواطنين على حاجتهم من العمالة المنزلية ، مستذكرين أن 60 بليون ريال تحول سنوياً من بلادنا إلى بلاد العمال الوافدين .
كما انه ليس لنا ان نتطلب الإجماع حول أجزاء الإستراتيجية التي تتجاوز القلب . لنا أن نتساءل مرة وألف مرة ، عن نوعية التدريب المطلوب الوصول إليه ،ولنا أن نقترح ، مرة وألف مرة ، أساليب لتوزيع عبء التدريب بين الدولة والقطاع الخاص ، ولنا أن نتفق ونختلف حول أفضل السبل لإيجاد ثقافة العمل المناسبة وترسيخها . ولنا أن نبحث ما يمكن وما لا يمكن أن نعمله للوصول إل بيئة العمل المناسبة للعامل السعودي . ولنا أن نتساءل عن جدوى المشاريع الصغيرة التي يولد منها قربة 200.000 مؤسسة سنوياً بتراخيص بلدية بالإضافة إلى 20.000 بسجلات تجارية وهي مشاريع تعتمد كلها على الإستقدام . هل من حق هذه المشاريع أن تزحم شوارعنا بمئات الالآف من الدكاكين الصغيرة المكررة وأن تزحم مياديننا بعمالتها المستوردة ؟ لم أرى فيما رأيت من مدن العالم مدناً تزخر شوارعنا بهذا البحر المتلاطم من الورش والحلاّقين والطبّاخين والبقّالات الصغيرة ومحلات الساندوتش والصيدليات ، كما أرى كل يوم في شوارعنا . ولكم ، معشر الإقتصاديين ، أن تخبروا الرأي العام عن القيمة المضافة - أن كانت هناك قيمة مضافة ، التي يستفيدها الإقتصاد الوطني من هذه الدكاكين التي تنمو كل لحظة كالأعشاب الوحشية ، ويعتمد استمرارها على التستر أو على قبول العاملين فيها بأجور زهيدة والعيش في ظروف تعرفون كلكم مدى قسوتها .
أحسبني أوضحت ، بما فيه الكفاية ، أن الإجماع مطلوب وضروري حين يتعلق الأمر بقلب الإستراتيجية ، ولكنه نافع وغير ضروري حين يتعلق الأمر بالإجراء والتفاصيل .
بقيت كلمة كان يجب أن أبدأ بها وهي أنني لم أجيء إليكم لكي أحاضر بل لكي أستمع ، ولم أجيء إليكم لأعلمكم بل لكي أتعلّم منكم وأنا أتطلع ، بشغف وصدر رحب ، إلى ما سأسمعه منكم الليلة - وأرجو أسمع من الآراء أكثر مما أسمع من الأسئلة . كما أنني أتطلع إلى قيام جمعيتكم - بطبع ما يدور هنا الليلة ونشرة في كتاب يبقى بعد أن تزول الأصداء وينفض السامر .
عاشق الوطن غير متواجد حالياً