
رد : إذا كان الجنّ من نار فكيف تحرقه النار ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الجن مخلوق من النار، فكيف يعذب بها؟
الإجابة للدكتور محمود العكازي -أستاذ الفقه المقارن- جامعة الأزهر: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
فإن الجن نوع من الأرواح العاقلة المريدة المكلفة على نحو ما عليه الإنسان، ولكنهم مجردون عن المادة البشرية، مستترون عن الحواس، لا يرون على طبيعتهم، ولهم قدرة على التشكل.
وقد اختلف أهل العلم في أصلهم على قولين:
أولهـما: أن الجن ولد إبليس. ومنهم المؤمن ومنهم الكافر. قال الله تعالى عنهم: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا). ومنهم الكامل في الاستقامة والطبيعة وعمل الخير، ومنهم من هو دون ذلك، ومنهم البلْه المغفلون، ومنهم الكفرة وهم الكثرة الكاثرة.
وثانيهما: أن الجن ولد الجان وليسوا بشياطين. ومنهم المؤمن ومنهم الكافر وأما الشياطين فهم ولد إبليس لا يموتون إلا معه.
وقد أثبت القرآن الكريم أن الجن مكلفون كالبشر ورسلهم من البشر يقول سبحانه: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ)، وقد حضر وفد من الجن وسمعوا القرآن من الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يرهم وقت وجودهم ولم يعلم بحضورهم، قال تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)
وجاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث طويل "وبعثت إلى الأحمر والأسود"؛ أي إلى الإنس والجن.
وقد اختلف أهل العلم في دخول مؤمني الجن الجنة على حسب الاختلاف في أصلهم. فمن يرى أنهم من الجان لا من ذرية إبليس قال يدخلون الجنة بإيمانهم. ومن قال: إن الجن من ذرية إبليس فلهم في ذلك قولان: أحدهما: أن المؤمنين منهم يدخلونها.
والثاني: لا يدخلونها وإن كانوا يصرفون عن النار فلا يعذبون بها.
أما فيما يتعلق بعذاب العصاة منهم: فإنهم يعذبون بدخولهم النار، مثلهم في ذلك مثل الإنس أمثالهم، قال تعالى مخاطبًا الثقلين [الجن والإنس] في هذا (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ)، وقال سبحانه حكاية عن الجن (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) أي وقودا. وقال كذلك عنهم (وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا) أي عذابا مؤلمًا موجعًا ومشقة لا راحة معها. وقيل (صَعَدًا) معناه جبل في جهنم.
ولا غرابة في عذاب الجن بالنار حتى وإن كان أصلهم من النار، لأن المعذِّب بالنار هو الله وهو قادر على كل شيء. وليس كمثله شيء. وصدق إذ يقول (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا).
..... هذا والله تعالى أعلم
__________________
« اللهم كما أحسنت خَلقي فحسن خُلقي »