أخي أبو سعيد يعطيك العافية وبارك الله فيك
ومن مبادئ ديننا وأبرز مميزاته حرصه على النظافة ، وعلى أن يكون المسلم نظيفاً ، في عقله ، وتفكيره ، في نفسه وأهدافه ، وحتى في جسمه ولباسه ، فالملابس النظيفة ، والبيوت النظيفة ، والأواني النظيفة ، كل هذه أشياء مطلوبة ومحبوبة 0
لأن الإسلام يحرص على أن بظهر بثوب نظيف وجميل لا تصدر من بدنه أو ثوبه آية رائحة منفرة ، ففي الحديث أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : " إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا رحالكم ، وأصلحوا لباسكم ، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس في الناس فإن الله لا يحب الفحش والتفحش*"رواه ابو داود0
وما كان الأمر بالوضوء ، والغسل ، والسواك ، وتقليم الأظافر ، إلا من أجل أم يكون المسلم دائماً في منأى عن الاحتقار ، والازدراء وبعيداً عن كل ما تقزز منه النفس وتعافه العين 0 فالمسلم يغسل جميع الأعضاء الظاهرة من البدن كل يوم خمس مرات للدخول في الصلاة أو لطواف** لإزالة الحدث الاصغر من الغائط والبول والريح ، ليبقى المسلم نظيف الأعضاء ولثوب طيلة يومه مما لا تعرفه الأمم الآخرى0
ومن هنا نعلم أن الإسلام يحرص أشد الحرص على أن يكون المسلم دائماً في هيئة كريمة ، ومظهر كريم ، وإذا كان أعداء الإسلام بالنفس على اعتبار أن الدنيا فانية ، وأن عمر الإنسان محدود لا يستحق الإعتناء به ، فاننا نقول لهم ودون تردد إن هذه المظاهر التي اتخذها أعداء الإسلام مطعناً عليه ، ليست منه ولا هو منها والجماعة التى اتخذها اعداء هذا الدين بمظهرها دليلاً على أن الإسلام دين متحجر ضيق الأفق ، يزهد المسلمين حتى في مظهر أجسامهم ولباسهم جماعة لم تفهم الإسلام على حقيقته ولذا فهي لا تمثله من قريب أو بعيد ، ولربما يكون الواجب هنا أن نقول : إن الإسلام لم يأمر المسلم بأن يعفر وجهه في أمكنة العبادة ، ويعطل شؤون حياته ، ولم يأمره بأن يلبس من الثياب ما اتسخ ، ومن الجوارب ما تخرق بل كان أمره صريحاً بأن يلبس المسلم من الثياب احسنها، ومن الحلل أجملها ومن أجل ذلك فإن تعفير الوجوه بالتراب اظهاراً للزهد ، وترك الشعر مهاناً قذراً أعلاناً للأستهانة بالحياة ، وتعمد أهمال الجسم من النظافة تظاهراً بالتقى والصلاح ليس من الإسلام في شئ وفي الحديث الذي رواه عن جابر بن عبد الله قال : أتانا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فرأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره فقال : أما كان هذا ما يسكن به شعره ؟ ورأى رجلاً آخر عليه ثياب وسخة فقال : أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه "0
وفي الحديث الذي رواه ابو داود أيضاً عن أبي لاحوص عن أبيه : "أتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – في ثوب دون فقال : ألك مال ، قال : نعم ، قال: من أي المال ، قد آتاني الله من الأبل والغنم والخيل والرقيق ، قال فإذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته0
ويروى أن فرقداً السنحي كان يلبس المسح ، فلقي الحسن البصري وكان يلبس ثوباً باربعمائة درهم ، فقال له فرقد : ما ألين ثوبك ؟ فقال الحسن : يا فرقد ليس لين ثيابي يبعدني عن الله ، ولا خشونة ثوبك تقربك من الله ، إن الله جميل يحب الجمال0
وما أجمـل قـول الإمام الشافعي – رحمه الله – في الترغيب بلبس الثوب الحسن ، حيـث قـال :
حسّن ثيابك ما استطـعت فإنها 000000 زين الرجال بها تعز وتكرم
ودع التخشـن في الثياب تواضعاً 000000 فالله يعلم ما تسٍـر وتكتم
فتجديد ثوبك لا يصرك بعد ما 000000 تخشى الإله وتتقي ما يحرم
وشيث ثوبـك لا يزيـد رفعة 000000 عند الإله وأنت عبد مجرم
والآن وقد اتضحت المعالم وبرزت خصائصها لدى الشباب بما يتحقق لهم اعتزازهم بشخصيتهم المستقلة وسلوكهم المستقيم ورجولتهم الكاملة وطهارتهم الشاملة للبدن الثوب وفي الباطن والظاهر بعيداً عن مزالق الانحلال والتحنث ومظاهر التبعية للأعداء التى يشجعها مصمموا الأزياء ودعاة الغزو الفكري الحاقد0
وبعد : فهل نحن على استعداد لأن للعالم المثل الحسن في نظافة النفس ، واليد ، والعرض ، وننقل إليه هذا الإسلام في صورة مشرقة ومظهر كريم ؟ إننا إن فعلنا ذلك نكون قد أدينا بعض ما يجب نحو هذا الدين القائم على دعوة الإنسان إلى أن يكون نظيفاً في كل أمر من أموره ، والحمد لله رب العالمين