![]() |
هـدي السـلـف فـي الـرد عـلـى الـمـخـالـف ( 5 )
هذا هو اللقاء الخامس والأخير من هذا الموضوع الذي أسأل الله أن ينفع به ، وأن يجعله خالصا لوجه الكريم أخي الحبيب: وعدتك في اللقاء الرابع بمثال واحد ، وها هو تتأمله وتقرأه عن عمرو بن سلمة الهمداني ، قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قبل صلاة الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد ، فجاءنا أبو موسى الأشعري ، فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا ، فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعاً ، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن ، إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته ، ولم أر والحمد لله إلا خيراً قال: فما هو؟ قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل ، وفي أيديهم حصى فيقول: كبروا مئة ، فيكبرون مئة فيقول: هللوا مئة ، فيهللون مئة ويقول: سبحوا مئة ، فيسبحون مئة قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظاراً لرأيك قال: فمضى ومضينا معه ، حتى أتى حلْقة من تلك الحِلق ، فوقف عليهم ، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح قال: فعدوا سيئاتكم ، فأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء ، ويحكم يا أمة محمد! ما أسرع هلكتَكم ، هؤلاء صحابة نبيكم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ، أو مفتتحو باب ضلالة؟ قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه ، إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حدثنا: أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، وأيم الله لعل أكثرهم منكم ، ثم تولى عنهم ، فقال عمرو بن سلمة: فرأينا عامة أولئك الِحلق يطاعوننا يوم النهروان مع الخوارج ) أخرجه الدارمي وصححه الألباني لقد تضمن هذا الأثر فوائد منها: 1- ضرورة الرجوع إلى فهم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ للنصوص الشرعية ، والاستعانة بتفسيرهم للقرآن والسنة ، فالصحابة شهدوا تنزيل القرآن ، وعرفوا خاصّه وعامّه ، وهم أعلم الأمة بحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسيرته ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ( ومعلوم أن كل من سلك إلى الله ـ عز وجل ـ علما وعملا بطريق ليست مشروعة ولا موافقة للكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها ، فلا بد أن يقع في بدعة قولية أو عملية ، فإن السائر إذا سار على غير الطريق المَهْيَع فلا بد أن يزل ). 2- أن الإعراض عن فقه الصحابة لنصوص الوحيين من أسباب الزيغ والضلال ، وهذا ما أشار إليه ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ بقوله ( والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة؟) وهذا الذي حصل عند بعض المتأخرين ، فقد آل الأمر بهم إلى أن سلكوا طريق الخوارج الضالين ففسقوا ثم كفروا ثم قتلوا ، قال تعالى: { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم ..} 3- أن البدع والانحرافات والذنوب والمعاصي تبدأ شيئاً فشيئاً ، فأول ما تكون شبراً ثم تصير ذراعاً ثم تؤول إلى أميال ، فبداية هؤلاء: الإعراض عن سنة التسبيح بالأنامل ، والاشتغال بالذكر بطريقة مبتدعة .. إلى أن انتهى بهم الأمر إلى الخروج عن جماعة المسلمين وقتال أهل الإسلام ، وقد أشار الإمام مجاهد ـ رحمه الله ـ إلى تدرج البدع ، وأنها طريق إلى الشرك ، فقال: ( يبدؤون جهمية ، ثم يكونون قدرية ، ثم يصيرون مجوساً ) وهم من أهل الإسلام ، ويقول ابن تيمية ( ولهذا كان الرفض أعظم أبواب النفاق والزندقة ، فإنه يكون الرجل واقفاً ، ثم يصير مُفضلا ، ثم يصير سباباً ، ثم يصير غالياً ، ثم يصير جاحداً معطلا ) . 4- أن النية الحسنة وإرادة الخير لا تكفي وحدها ، كما قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ( وكم من مريد للخير لن يصيبه ) فيتعين الإتباع للسنة وموافقة الصواب في العمل فليس العبرة بالنية دون العمل ولا يصلح العمل دون إتباع للسنة { ليبلوكم أيكم أحسن عملا } أي: أخلصه وأصوبه. هذا الذي وفقت ألى جمعه في هذا الموضوع ، وأسأل الله أن يوفقني وإياك لما يحبه ويرضاه والسلام عليك ورحمة الله وبركاته |
رد : هـدي السـلـف فـي الـرد عـلـى الـمـخـالـف ( 5 )
اقتباس:
|
رد : هـدي السـلـف فـي الـرد عـلـى الـمـخـالـف ( 5 )
آمــــــين وأشكر لك مرورك |
الساعة الآن 12:23 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق الأدبيه والفكرية محفوظة لشبكة قحطان وعلى من يقتبس من الموقع الأشارة الى المصدر
وجميع المواضيع والمشاركات المطروحه في المجالس لاتمثل على وجه الأساس رأي ووجهة نظر الموقع أو أفراد قبيلة قحطان إنما تمثل وجهة نظر كاتبها .
Copyright ©2003 - 2011, www.qahtaan.com