![]() |
قريتي قبل 34 سنة
من الأعمال المسندة إلى صغار الأطفال آنذاك رعي البهم ( صغار الغنم ) في الأماكن التي بجوار البيت ، وتفقّد الغنم بعد عودتها من الرعي في المساء ، وإدخال المواشي إلى مأواها ( الريش وهي أكثر من غرفة ].
وكان أسعد الأوقات عندي عندما أجلس مستمعا إلى الخرافات والأقاويل القصصية التي كانت تبدع في إلقائها على مسمعي جدّتي رحمها الله وأمّي أمدّ الله في عمرها . ومن أشهر القصص قصة ما يُسمّى بـ ( السعلية ) وهي حكاية نادرة لا يقوم ببطولتها إلا الجنّ والعياذ بالله ، ولكن نسعد بسماعها لأن بيتنا كان خاليا تماما من كل وسائل الإعلام كالراديو مثلا . كما أن من أمتع الجلسات عندي عندما أتمدد على الأرض واضعا رأسي في حجر والدتي لتقوم بقتل ( القمل وبيضه المسمي النمش من رأسي ) ويطلق على تلك العملية ( القصّاع ) . كان القمل منتشرا بيننا انتشارا لا نظير له ، فمن المستحيل أن تجد إنسانا لا يوجد في رأسه أو بداخل ملابسه قمل . كان مستوى النظافة رديئا جدا نظرا لانعدام وسائلها مثل ( أدوات النظافة والمطهرات والملابس الجديدة وأماكن السباحة كدورات المياه ...... ) . كان كل مجموعة من أهل القرية يجلسون قبيل غروب الشمس وأحيانا بعد طلوعها في مكان دافيء يطلق عليه ( المُشرّق ) حيث يتجاذبون أطراف الحديث ويتناقلون أخبار الموتى وأماكن نزول المطر ومواعيد الزراعة وغير ذلك. ما زال بيتنا متواضعا في وسائله في ذلك الحين ، فما زلنا آنذاك نشرب الماء في القدح ( المصنوع محليا من الخشب ) ونحلب الغنم في إناء يطلق عليه ( المدرة ) وهو مصنوع من الخشب ، كذلك ما زلنا نضع الحليب في إناء ذي غطاء مصنوع من الآجر يطلق عليه ( المحلبة ) . يُجمع حليب الغنم في الليل بعد الحلْبة الأولى وفي الصباح بعد إجراء الحلْبة الثانية في ذلك الإناء( المحلبة ) ويضاف عليه من لبن اليوم السابق ليساعد في عملية الترويب ، وعندما يصبح الحليب متخثرا تقوم أمي بنقله بعناية إلى إناء مأخوذ من نبات يطلق عليه ( القرع ) حيث يكيّف منه ما يُسمّى ( بالدبية ) . وتُلفّ الدبية بخيوط من الحبال [ شبكة حبال ] ثم تعلق في سقف غرفة ، خاصة سقف المسقف ( المطبخ ) ويكون ارتفاع الدبية عن الأرض بقدر يجعلها في متناول يد الإنسان الجالس . تبدأ أمي بتحريك الدبية ( دفعا إلى الأمام ثم إلى الخلف ) وهذا ما يُسمّى بــ ( الهزّان أو الهزّ ) وتستمر في تلك العملية مدة ساعة أو أكثر بصفة متواصلة . بعد أن تتأكد من أن الزبدة أصبحت أكثر تخثرا تُفرغ الحليب ثانية في المحلبة وتقوم بجمع الدهون المتخثرة ، ويطلق على تلك العملية ( الحثّار ) ويطلق على الزبدة المجمعة ( الهزّة ) والهزّة قد تزن 300 جرام فأكثر تقريبا . يصبح الحليب بعد سحب الزبدة منه لبنا وتقوم بتبخيره وذلك بإلقاء قبضة من الطحين على حصى أبيض ساخن جدا يطلق عليه ( مروة ) طبعا يتصاعد دخان الدقيق المحروق بصورة كثيفة وتقوم بوضع فوّهة إناء المحلبة الفارغة فوق الدخان المتصاعد فتغيّر تلك الرائحة الزكيّة رائحة الإناء ثم تسكب اللبن في المحلبة فيأخذ مذاق اللبن من رائحة الدقيق المحروق ، فيصبح اللبن أنسب وأطيب مذاقا وتسمى عملية التبخير تلك ( بالكبّا ) . قد يُشرب اللبن كالماء أو يُغمس فيه خبز أو عصيدة أو ما شابه ذلك من الوجبات اللذيذة . أما الزبدة فبعد أربع ليال تقريبا ، وبعد أن تجمع كمية منها تجري أمي عملية تسمى ( المحيح ) وهي عملية تذويب الزبدة على النار بإضافة دقيق منثور على حصى ( مروة ) ساخنة تقذفها في إناء الزبدة الذي يغلي فينتج ما يُسمّى بـ (الرضيفة ). والحجر ( الحصى )المستخدمةيطلق عليها ( حيد الرضيفة ) . تريق والدتي السمن في إناء خاص به ليتجمّد لاحقا في ذلك الإناء ويُدّخر ، أما مصير الرضيفة فتصنع خبزا ثم تعركه ( تفركه ) ونأكل الخبز المفروك وذلك بغمس اللقمة المأخوذة منه في الرضيفة ، وتكون تلك الوجبة طعاما شهيا يطلق عليها ( برّ وسمن ) ويتم تناول تلك الوجبة عادة خلال العشاء فقط ، وإناء الرضيفة الجاهزة للأكل يسمى ( النّحَت ) وهو مصنوع من الأحجار ذات اللون الأسود . أحيانا تقوم والدتي بجمع السمن في إناء مصنوع من جلد الماعز الصغير يطلق عليه ( العكّة ) وقد يضاف إلى ذلك الوعاء عصير التمر المحمّى على النار ليقفل الثقوب ويسمى ( بالرباب ) وتعتبر العكّة حافظة جيدة للسمن ، وقد تصل مدة الحفظ إلى عدة سنوات ، والنوع الكبير من العكك يطلق عليه ( الظرف ) والظرف قد يتّسع لأكثر من عشرين لترا تقريبا من السمن . وبالمناسبة إذا طالت فترة ادّخار السمن وحفظه يتغيّر طعمه بيد أنه لا يتسبب في تسميم آكله ويسمى ذلك السمن الآسن تقريبا بـ ( القميط ). أنا أتحدث عن حال بعض بيوتات أهل القرية لأن بعض الأسر وهي قليلة أصبحت تملك القدور والكاسات والصواني المعدنية ، كما أن بعضها تستخدم إناء آخر لخضّ اللبن يسمى ( الشكوة ) وهو عبارة عن جلد ماعز مدبوغ . أعددتُ هذا الموضوع لنتبارى في رحاب ماضينا العريق الذي افتقدته ، ونستريح من هموم الرياضة بعد إنتهاء كأس أمم آسيا . |
رد : قريتي قبل 34 سنة
السلام عليكم اخي صابر الأديب
الله يسعدك في الدنيا والاخرة على هذه الذكريات الجميلة وتبقى اجمل وافضل من حياة اليوم بالرغم من الراحة النسبية الان كثرت الامراض وكثرت المشاكل وكثرت العقوق وازدهر النفاق وقل النوم ولا تعرف من هو جارك ... كان الانسان معزز مكرم و ... و... و ياليت الشباب يعود يوما تحياتي لك |
رد : قريتي قبل 34 سنة
الله يعطيك العافيه أخوي ,,
أشياء تذكرنا بأيام المــاضي .. مع أنني لم أتعايشها .. بل اسمعها من والدي وأعمامي ,, ومنهم يكبرونني سناً قد عاصرو وعاشو هذه الأيام ,,, رائـع أخي الكريم فقد تعايشت معها وأحسست بالبرأة فيهـا والبساطه .. مع بعض من الإبتسامات المتفـرقه قد ظهرت مني على مقاطع مسرودةً هنــا ,, كل الشكر لك على ما وضعت ,,, تحدياتي وأشواقي ,, عبد الله ,,, |
رد : قريتي قبل 34 سنة
الأستاذ الجليل ماجد الخليفي :
أشكرك على تصوير هذه المشاعر الطيبة تجاه موضوع عايشته أنا ولم أستشر حين إعداه أحدا . أنا خرجت من ذاك النفق المضيء ، وخرج أبناء المنطقة الجنوبية منه أيضا ، وما علينا ياأستاذي ماجد إلاّ أن نُجلّ أولئك الأبطال الذين حققوا إكتفاء ذاتيا في ظل غياب التقنية . أشكر مرورك ، ونبع سرورك في ثنايا كلماتك العطرة . |
رد : قريتي قبل 34 سنة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من الأعمال المسندة إلى صغار الأطفال آنذاك رعي البهم ( صغار الغنم ) في الأماكن التي بجوار البيت ، وتفقّد الغنم بعد عودتها من الرعي في المساء ، وإدخال المواشي إلى مأواها اووووووووووووووووووة يا صابر رجعتني لعام 1400 في الجله الله اكبر الله يعطيك العافيه |
رد : قريتي قبل 34 سنة
الأستاذ الكريم عبدالله بن علي الفهري وفقه الله :
من الأعماق أُوجه لك خالص شكري وعظيم تقديري على التفضّل بالقراءة ، والتفضّل بإبداء مشاعرك التي حملت أجمل وأجلّ عبارات الثناء والأخوة. لك الودّ أخي ، والله معك . |
رد : قريتي قبل 34 سنة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الله يسقي ذيك الايام الله يرجعها علينا |
رد : قريتي قبل 34 سنة
اقتباس:
كفيت و وفيت يا ابو عاصم |
رد : قريتي قبل 34 سنة
الأستاذ الكريم ابن خضير :
أشكر لك تكرمّك بالإطّلاع ثم بالتعليق الرائع ، ولي إستفسار من شخصك الفاضل : ها الجلة اسم مكان ؟ أم المقصود بها رمي القلّة؟؟ لا تتعب نفسك في الرد ، مجرد دعابة فقط . لك ودّي ، وخالص تقديري . |
رد : قريتي قبل 34 سنة
الأستاذ الفهري المحترم :
أتمنى لك السعادة دائما ، وأتمنى أن نحظى برأيك ومشورتك . لك الحبّ . |
رد : قريتي قبل 34 سنة
أخي الكريم الجهيمي البشري :
تفضلك بالقراءة يحظى بتقديري وإحترامي . أشكرك جزيلا . |
رد : قريتي قبل 34 سنة
اقتباس:
وتبعد عن الرياض غربآآآآآآآآآ( 100) كلم والله يحفظك |
رد : قريتي قبل 34 سنة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا هنتو جميع |
رد : قريتي قبل 34 سنة
الأخ ابن خضير :
كنت أعتقد أن الجلة قرية شهيرة في تهامة قحطان ، كانت تسمى سابقا بجلة الموت ، وتم أخيرا تعديلها إلى جلة الحياة . عذرا إن كانت دعابتي أثارت لديك نوعا من الغضب ، آمل أن تبقى الجلة التي تعنيها عامرة بوجودك ووجود أهلها . تحياتي . |
رد : قريتي قبل 34 سنة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
بيض الله وجهك على هذا الجهد الذي أوضحت به تلك الحياة , أنا والله مع صغر سني أني قد مررت بذلك لأن نشأتي وحتى الآن وأنا في قرية وأعيش في منزل داخل مزرعة وتلقينا أنواع التنكيل من الشيبان ولكن لله الحمد أخذ كل منا مكانته بعد هذا التعب ,,, لك جزيل الشكر,,,,,,, دمت في حفظ الله ورعايته,,,,,,,, حاااااااااااااااااافظ |
رد : قريتي قبل 34 سنة
العزيز حافظ المحترم :
سعدت باطّلاعك وسررت بسعادتك حين القراءة ، وأثلجت صدري بهذا الرد الذي يدلّ على أصالتك ورجاحة عقلك . الآباء كانوا خير مربين للأبناء بعيدين عن هوس الحضارة المعاصرة ومتطلعين لتنشئة أجيال تحبّ خالقها ، وتغلي تراب أرضهم ، فجزاهم الله عنّا خير الجزاء . |
رد : قريتي قبل 34 سنة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ صابر الاديب تسلم على الموضوع الذكرياتي ولي الوالدة الله يطول في عمرها دايم تتذكر الماضي وحياه البداوة الاصيلة وتغني لي ذا الغنية حقت الفنان يوسف محمد / يا ما حلى شرب القهاوي في المضاحي ___ يا ما حلى المعروف ورجال الحمية . :ابن الاسود العاطفي : |
رد : قريتي قبل 34 سنة
أخي ابن الأسود العاطفي العزيز :
ماضينا جزء أساس من حاضرنا ، ولن نخطط بإذن الله لمستقبل مشرق من غير أساس نعتمد عليه ونقارن معه . أسعدني مرورك ، وأنا صدقني ومن كل قلبي أنني أغلي قحاطين نجد كما كان يسميهم والدي رحمه الله وأقرانه ، وكان يردد ( لَجْواد في نجد ولَنْذال في القرى ، وكل حجازي مداه قصيف ) والمقصود لديه بالحجاز ساق الغراب . أنا ورطت يا عاطفي تجاه تصويري لمشاعري نحوك وفتحتُ بابا من التندر عليّ الآن من بعض الإخوة ، ولكن لو تندّر أحد أتركُ الدفاع عني لك ، قلْ ابشرْ . تحياتي ، وأتمنى لوالدتك الصحة وطول العمر . |
الساعة الآن 05:47 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق الأدبيه والفكرية محفوظة لشبكة قحطان وعلى من يقتبس من الموقع الأشارة الى المصدر
وجميع المواضيع والمشاركات المطروحه في المجالس لاتمثل على وجه الأساس رأي ووجهة نظر الموقع أو أفراد قبيلة قحطان إنما تمثل وجهة نظر كاتبها .
Copyright ©2003 - 2011, www.qahtaan.com