كنت على وشك الانتهاء من كتابة موضوع عنونته(الجرأة في ضرب المرأة) غير أن حادثة القصة التالية قد خبصت أوراقي وشلت تفكيري حتى تحققت من القصة وواقعيتها فاضطررت إلى العنوان الجديد.وقد تلاحظون أن الموضوع غير مترابط به شلل نصفي لاضطراب منطلقات التفكير عندي.

فبعض الناس يحمل شخصيتين : فردية ، وقبلية يرى بهما أن المرأة محلابة مركابه ومكينة تفريخ ولا قيمة لها ولا اعتبار ولا رأي إلا من رحم الله لكنه يرى "بشخصية القبيلة" أن هذه المرأة تمثل شرف القبيلة كلها وتاجها الذي لاينزع إلا بهفوة عار أو وصمة شنار ترتكبها.ورغم اضطهادها وكل ما تعانيه من ذل وإهانة إلا أنها شماعة القبيلة التي يعلق في جيدها حبل المشنقة فهي الشانق والمشنوق .

ورغم ورود عقوبة الزنا وحدوده مفصلة في القرآن الكريم وفقاً لمقتضى حال طرفي القضية وتأكيد السنة النبوية عليها إلا أن بعض الناس اشترع له إحكاماً سنها بنفسه ولمحيطه وأهواء تربيته وتنشئته.

استيقظ صباحاً ونادى أخته فلم ترد عليه . خرج مسرعاً من المنزل إلى المزرعة واتجه إلى العريش الذي يستريح تحته عندما يعدل سواقي الماء إلى أشراب"أجراب"أشجار التوت والرمان. وجد صغيرها يلهو بثمرة رمان كالكرة فعرف أنها قريبة منه فنادى ولم تجب فاخذ ينعم النظر من حوله إلا ان وقع نظره على ما كان يخافه ويخشاه طوال حياته.فتاج القبيلة منزوع وشرفها مدنس ومذموم إذ رآه يخرج من خلال ثغرة في سياج المزرعة هارباً بعد "جلسة محادثة غير شرعيه" دامت برهة من الزمن فيما كانت مستظلة بشجرة توت قريبة منه متظاهرة بالنوم. سرت في جسمه ثورة غضب كاد أن يغمى عليه فألقى نظرة وداع عليها ثم اتجه نحو سائق الحراثة وأمره بشق حفرة كأخدود نجران ، استغرب السائق فأمسك بتلابينه وصفعه صفعة أطاحت بقبعته.شعر السائق بحتمية مشروع شق الأخدود فامتطى صهوة الحراثة وبقر بطن المزرعة حافراً أخدوداً طوله عشرة أمتار تقريباً بعمق متر . هلل صاحب المشروع ثم كبر ثلاثاً ؛ فما أجمل تطبيق السنة النبوية ففاعلها في نظره يثاب وتاركها لايعاقب إذ ربما أنها كانت المرة الأولى في حياته التي يطبق فيها سنة المصطفى. ولما انهر الدم ومخخها حتى احتضن جمجمتها وضمها إلى صدره قذف بها إلى قاع الأخدود ودفل عليه ثلاثاً لأنها هامة زانية ثم أحكم قبضته حول ساقها البارد وجر جثتها إلى قاع الأخدود مطبقاً المثل :"جنت على نفسها براقش" ووراها بالحراثة في عالم البرزخ إلى يوم يبعثون.التفت إلى الوليد وهو يقضم ثمرة الرمان تارة ويلعب بها تارة فكاد أن يلحقه بأمه فحثا عليه ثلاثاً ودفل عليه وكال له الشتائم .ما أحلاها من ذبيحة فقد حد سكينه وأراح ذبيحته. لقد أراح قبيلته فشرف القبيلة أهم وأجل من عصمة دم مسلمة . خطؤه مغفور وخطؤها مذموم!!إن كان هذا بدافع الغيرة فالله أغير منه على أن تنتهك حدوده .لقد وضع الباري وضع حدوداً لمثل هذه القضايا مفصلة وواضحة إلا أن قلة الدين وضع القانون في مثل هذه القضايا والاعتبارات شخصية أو قبلية جعلت بعضهم يتمادى .فقد غسل الدم بالدم فسيان .وإذا نظرنا إلى هذا التصرف الشنيع في علم النفس لاتضح أن نفسه تنتظر المكافأة من القبيلة عن بكرة أمها وأبيها وجدها وحفيدها لتقيم حفل اسمه"غسل الشرف" وأفراح وليالي ملاح يقلد فيها وسام الشرف منقوش عليه عبارة"حجت يمينه" .لا أدري هل سيحضر الوليد في الحفل نفسه؟فلقد أزهق روحاً بريئة وستزهق روحه هو بعد حين.

لقد احتار فكري وتستاءلت :
1.هل من دليل من القرآن والسنة يبيح للأخ قتل أخته في مثل هذه الحوادث وما شابهها؟أو يقتل زوجته؟أو قتل أمه؟أو عمته أو خالته؟
2.هل سمع أحدهم بأخت قتلت أخيها لأنه كان في خلوة غير شرعية مع فتاة ما؟

اللهم ادم علينا نعمة العقل .فهو اسم على مسمى ، العقل يمسك الإنسان مثلما يمسك العقال البعير "ويحرسنه" حتى لاينتقل بعيداً عن مكانه.
مودتي للجميع

-------------------------------------------
للاستزادة عن مثل هذه القضية ، راجع :
1. قصة مزنة والجمس أبو شكمانين
2. قصة فاتن وصاحب BMW